الهجوم المفاجئ والممنهج على سفارات المملكة في الخارج لم يكن وليد فكرة مفاجئة او رد فعل نتيجة حدث ما أو واقعة معينة ، بل جاء نتيجة تخطيط وتدبير مستظلا بانتقاد ومهاجمة الموقف السياسي الأردني حيال الحرب في غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام.
ما يثير الاستغراب بشأن هذه الهجمات أنها أتت في وقت يكاد يتوحد العالم دعما لعدالة القضية الفلسطينية وتعرية السردية الاسرائيلية واكاذيبها بشأن الوعود التوراتية وشعار معاداة السامية ، حيث تحتشد عواصم الغرب والمدن الأمريكية بالتظاهرات المعادية لهذه السردية وتطالب بوقف المذابح والتطهير العرقي والتجويع، حتى أن مايزيد على خمسة عشرة دولة أعلنت عن نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، وهو انجاز مهم وإيجابي ينبغي البناء عليه ، وبدلا من ذلك نتفاجأ بهذا الهجوم على سفاراتنا في الخارج ، فماذا يعني هذا ؟
المتبصر بالأمور كما هي على أرض الواقع علاوة على أن هذه الأفعال تعتبر جرائم ينبغي محاسبة من قام بها ويفرض على الدول المستضيفة ملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة كون أفعالهم لاتندرج ضمن مفهوم التعبير عن الرأي بتاتا، الا أنها أعمال مخططة ومدبرة بنوايا خبيثة وترتبط ارتباطا وثيقا من حيث غاياتها أهدافها بما كشف عنه الأردن مؤخرا من خلايا إرهابية وارتباطاتها داخليا وخارجيا وافشال هذه المخططات في مهدها، إذ لا مصلحة لأحد أن يزاود على مواقف الأردن الداعمة للقضية الفلسطينية وأهلنا في الضفة والقطاع الا الجاحدون والمتآمرون والمنكرون لهذه المواقف التي تفوق حتى إمكانيات الأردن الشحيحة ودفع ثمنها ولايزال من اقتصاده وتدهور قطاعاته الرئيسية وأهمها القطاع السياحي وغيره من القطاعات التي تأثرت بالحرب والتحريض المضاد من حلفاء الكيان الصهيوني، حيث اسهمت المواقف الاردنية والدبلوماسية الاردنية النشطة التي يقودها جلالة الملك في اختراق الحصار الظالم الذي تفرضه إسرائيل على أهلنا في غزة والبدء في الانزالات الجوية والضغط باتجاه فتح معابر برية امنة لإيصال المساعدات الانسانيةالى مستحقيها.
انا هنا لا ابريء من يقف وراء هذه الاعتداءات واعتبرهم شركاء في تجويع أهلنا وحصارهم كما يفعل الكيان المحتل ، فبدلا من دعم الشعوب الحرة في العالم ، اختار هؤلاء الخفافيش الجانب المظلم وتحالفوا مع الجلاد لتحقيق أهداف سياسية بغيضة كبغض وجوههم واهدافهم.
الأردن قيادة وحكومة وشعبا لا تثنيه هذه الفتن عن المضي قدما في وقوفه إلى جانب أهلنا في غزة وفلسطين حتى نيل حقوقهم المشروعة وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشرقية ، وستكشف الايام من يقف وراء هذه الأفعال مهما طال الزمن.