زملائي وزميلاتي الأعزاء، أحبّتي وإخوتي في درب العمل والبناء، أبعث إليكم من نبض القلب رسالة محبةٍ وامتنان، وعطر ودٍّ يفوح من بين السطور، متشحًا بروح الإخلاص، متوجاً بصدق المشاعر التي لا تزيفها اللحظات ولا تبهتها السنون.
أكتب إليكم هذه الكلمات، لا لأودّع، بل لأُخلّد ذكرى عامين من العمل المشترك، كنتُ خلالهما بينكم أخًا لا زميلًا فحسب، ورفيقًا لا موظفًا عابرًا، عامين كانا كقصةٍ من نور، عشنا فيها أجمل معاني الأخوّة، وشاركنا أحلامًا، وتبادلنا تحديات، وزرعنا معًا بذورًا ستنبت علمًا وأخلاقًا وأملًا في قلوب الأجيال.
في مديرية التربية والتعليم للواء الجيزة، حيث عملتُ محررًا صحفيًا بالإضافة إلى إدارة قسم الإعلام، وجدتُ نفسي بين نخبة من التربويين الأفاضل، إداريين، ومعلمين، أصحاب الفكر النير والقلوب النقية، فاكتسبت منكم ما لا يُقدّر بثمن، كانت الأيام مميزة، زاخرة بالعطاء، تنبض بالمعرفة، وتحمل بين طيّاتها مواقف لا تُنسى، لامست الروح، واستقرت في شغاف القلب، فما كنت اعلم أن الألفة لا تمر دون أثر، والرحيل يترك في الأرواح ندبة لا تبرأ، وستبقى محفورة في وجداني ما حييت.
واليوم، أستعد للالتحاق بمحطة جديدة، موقع آخر يحمل طموحًا مختلفًا، لكنه لا يبدد ما حملته منكم من تقدير ومحبة، سأظلُّ أردد في داخلي أن العطاء بلا انتظار مقابل هو أسمى مراتب العمل، وقد مارستُ هذا المفهوم معكم، فكان نتاجه متعة لا تُدرك إلا حين تختلط الإنجازات بالمحبة، ويصبح الزملاء عائلة.
لقد رأيت في أعينكم لؤلؤاتٍ رغم أناقتها وثمنها الغالي، قد بانت من صدقٍ ووفاء، تشعُّ رغم الغصّة، وتلمع رغم الوداع، تتحدث بلا كلمات عن بصمة المحبة التي تركناها في القلوب، تلك المشاعر الصادقة أثّرت في داخلي كثيرًا، فأنتم لا تصنعون الأجيال فقط، بل ترسمون بهدوء مستقبل وطنٍ، وتُضيئون دربًا في ظلمة الجهل، بما تحملونه من رسالة سامية لا يُدرك عظمتها إلا من عايشها.
أرجو أن تسامحوني إن قصّرت يومًا أو غفلت عن كلمة، أو تأخرت في موقف، فما كان قصدي إلا الخير دومًا، وسأبقى لكم الأخ الصادق، المساند والداعم، في أي موقع كنت، فقلبي سيظل معلّقًا بتلك الأيام، وروحي لن تغادر ظلالكم، وذكراكم ستظل محفورة في جدران القلب، كما الوتين، لا تبرحه.
أيها الزميلات والزملاء النبلاء، قد أصاب سهم محبتكم فؤادي، وغُرِست مشاعركم الصادقة في الوجدان، لقد زرعتم الودّ، وسقيتم بذور الخير، فما كانت أَعْيُنُكُمْ إلا نبعًا للعطاء، لا ترجو جزاءً ولا شكورًا، فلكم في كل طالب علم سهمٌ من الخير، وذخرٌ ليومٍ التلاقي، "يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ”، فطوبى لكم، إذ أثرتم عقولًا، وأنرتم دروبًا، وجعلتم من أنفسكم جسرًا يعبر عليه جيلٌ نحو غدٍ أجمل، فكنتم انتم ما قاله سقراط: "التعليم هو إشعال نار، لا ملء وعاء”، وها أنتم قد أوقدتم نار الفضيلة، وأشعلتم مصابيح الهداية.
دمتم بخير، ودام عطاؤكم، وسنلتقي على خير بإذن الله، ما دامت الأرواح تعانق المعاني النبيلة، وتبقى القلوب حاملة الوفاء للرسالة السامية لخدمة الأردن الحبيبة وقيادته الهاشمية الحكيمة..