يُعدّ الإعلامي والصحافي الأردني حازم مبيضين أحد أبرز الأصوات التي تركت بصمة قوية في المشهد الإعلامي العربي، إذ اتسمت مسيرته بالجرأة والموضوعية، والتزامه بقضايا العروبة والعدالة الاجتماعية. ولد مبيضين عام 1947 في عمان، ورحل في 30 سبتمبر 2019، لكنه ترك إرثًا ثقافيًا وإعلاميًا غنيًا، ظل صدىً له حاضرًا في المشهد الإعلامي الأردني والعربي.
نشأ حازم مبيضين في عائلة أردنية محافظة بمدينة عمان، حيث تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس العاصمة. منذ صغره، أظهر ميلًا واضحًا نحو القراءة والكتابة، واهتمامًا بالقضايا الوطنية والعربية.
تابع دراسته الجامعية في الأدب العربي، مما وفر له خلفية ثقافية وأدبية متميزة ساعدته على تطوير مهاراته الصحافية والكتابية، وافتتاح نافذة نقدية واسعة تجاه الأحداث السياسية والاجتماعية في وطنه والعالم العربي.
في منتصف الستينيات، انضم حازم مبيضين إلى الإذاعة الأردنية، حيث بدأ كصحافي ومذيع، يقدّم الأخبار والبرامج التي تنقل نبض الشارع وتسلط الضوء على قضايا المجتمع الأردني والعربي.
تميز في الإذاعة بأسلوبه المميز في الإلقاء، والرصانة في طرح المواضيع، مما أكسبه احتراماً واسعاً لدى المستمعين والزملاء على حد سواء. وساهم في إثراء البرامج الإذاعية بقضايا ثقافية ووطنية، خاصة تلك التي تخص القضية الفلسطينية وحقوق الإنسان.
مع تطور مسيرته المهنية، انتقل مبيضين للعمل في الصحافة المكتوبة، حيث عمل في عدد من الصحف الأردنية والعربية، منها صحيفة "الرأي" الأردنية وصحيفة "المدى" العراقية، وغيرها من الصحف والمجلات الكردية والعربية.
كان قلمه دائمًا مدافعًا عن حرية التعبير وحقوق الشعوب، ومنتقدًا للسياسات التي تهدد العدالة والكرامة الإنسانية. كتب مقالات تحليلية عميقة تناول فيها قضايا حساسة، كالوضع الفلسطيني، القضية الكردية، الصراعات العربية، وموضوعات تتعلق بالعدالة الاجتماعية والتنمية.
أثرى المشهد الإعلامي العربي بتحليلاته ونقده البناء، فكان من بين الأصوات التي لم تتردد في التعبير عن مواقفها بشجاعة واستقلالية، دون مواربة أو خوف من تداعيات ذلك.
امتلك حازم مبيضين علاقات وثيقة مع العديد من القيادات السياسية والثقافية العربية، خاصة من الفلسطينيين والكرد، حيث كان قريبًا من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، كما تربطه علاقات احترام متبادل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وعلى المستوى الكردي، تواصل مع قادة مثل جلال طالباني والملا حكمت بختيار، حيث كان صوتًا داعمًا لقضيتهم، مسلطًا الضوء على همومهم وآمالهم في الإعلام.
كان يؤمن بأن الإعلام وسيلة لتقريب وجهات النظر، وبناء جسور الحوار بين الشعوب، مع احترام حقوق الإنسان والكرامة.
في السنوات الأخيرة من حياته، أدرك حازم مبيضين أهمية الإعلام الرقمي، فشارك بفعالية في الصحافة الإلكترونية، وكتب في عدد من المواقع الإخبارية الأردنية والعربية، محافظًا على ثبات مواقفه ومبادئه.
استخدم منصات التواصل الحديث للتواصل مع جمهور أوسع، ولم تتغير لهجته النقدية البناءة، ولم تخفت صوته الداعي للحرية والعدالة.
يترك حازم مبيضين سجلا ً ثريًا في مجال الصحافة والإعلام، سواء من خلال برامجه الإذاعية، أو كتاباته الصحفية، أو مواقفه السياسية والإنسانية.
كان من الصحافيين القلائل الذين تمسكوا بالاستقلالية في الكتابة والمواقف، ورفضوا الخضوع لضغوط سياسية أو تجارية.
أثرى المشهد الإعلامي الأردني والعربي بمقالات ودراسات وتحليلات، وألهم العديد من الصحافيين الشباب بالتمسك بالأخلاق المهنية والجرأة على قول الحقيقة.
توفي حازم مبيضين في 30 أيلول 2019، وشيع جثمانه في موكب رسمي وشعبي، حيث نعى الوسط الإعلامي الأردني والعربي رحيله بكلمات مؤثرة.
تم تكريمه في عدة مناسبات تقديرًا لمسيرته الصحفية الطويلة ومساهماته في تطوير الإعلام والنقد السياسي.
يبقى الإعلامي حازم مبيضين منارات مضيئة في سماء الإعلام الأردني والعربي، نموذجًا للصحافي الشجاع الذي لم يخشَ قول الحق، ولم يتراجع عن مواقفه رغم التحديات. كتب بيده تاريخًا من الالتزام المهني والنزاهة، وسيظل اسمه مرجعًا للأجيال القادمة التي تطمح إلى إعلام مسؤول وحر.