تتجه الأنظار في الساحة السياسية الأردنية إلى الدوار الرابع، حيث تتعاظم التوقعات بشأن تعديل وزاري موسّع بات وشيكًا في حكومة دولة الدكتور جعفر حسان، في ضوء متغيرات داخلية وخارجية تتطلب إعادة ضبط إيقاع الأداء التنفيذي وتحديث أدوات العمل الحكومي بما يواكب التحديات ويترجم الطموحات.
هذا التعديل المنتظر لا يأتي من فراغ، بل تسبقه قراءة دقيقة للمشهد الوطني، ومراجعة شاملة لأداء الفريق الحكومي خلال الأشهر الماضية، وهو ما يبدو أن دولة الرئيس قد أنجزه بهدوء وبعيدًا عن الضجيج الإعلامي. فالرجل الذي عُرف بعقليته التخطيطية وبُعده عن الشعبوية، يدرك أن المرحلة الحالية تتطلب إعادة تموضع دقيقة، لا تقوم على مجاملة أو توازنات شكلية، بل على قاعدة الكفاءة والجاهزية والإيمان بثقافة الإنجاز.
في الأروقة السياسية، تتردد أسماء عدد من الوزراء المتوقع خروجهم نتيجة تفاوت في الأداء أو غياب التفاعل مع أولويات المرحلة. كما يُتداول دخول أسماء جديدة من طراز إداري وفني رفيع، تم انتقاؤها بعناية لتعزيز العمل المؤسسي، خصوصًا في الوزارات السيادية والاقتصادية والخدمية التي تقع في صلب هموم المواطن اليومية. وهناك حديث عن إعادة توزيع بعض الحقائب، وربما فصل أخرى كانت مزدوجة، في محاولة لرفع كفاءة الأداء وتسريع الإجراءات وتحقيق مرونة في اتخاذ القرار.
دولة جعفر حسان، الذي جاء إلى رئاسة الحكومة برؤية واضحة، يبدو اليوم أكثر استعدادًا لإعادة ترتيب البيت الحكومي من الداخل، مستندًا إلى دعم ملكي وثقة سياسية تمنحه القدرة على اتخاذ قرارات جوهرية دون الوقوع في أسر الحسابات التقليدية. وقد لمسنا منذ توليه رئاسة الحكومة حرصًا منه على بناء حكومة تفكر وتخطط وتنفذ، لا تكتفي بإدارة الواقع أو تدوير الزمن.
التعديل المرتقب يحمل في طياته رسائل بالغة الأهمية، أولها أن هذه الحكومة منفتحة على النقد والتقييم والمراجعة، وثانيها أن الدكتور حسان لا يتردد في اتخاذ ما يلزم من قرارات لضمان تناغم الفريق مع رؤيته، وثالثها أن الزمن الحالي لا يسمح بالتباطؤ أو التردد، فكل تأخير في الإصلاح هو خصم من رصيد الثقة العامة.
المؤشرات كلها تؤكد أن القادم سيكون مختلفًا، وأن التعديل الوزاري المقبل لن يكون مجرد تبديل أسماء بل خطوة عميقة نحو ترسيخ ثقافة المساءلة وتعظيم منسوب الكفاءة. دولة الرئيس يتحرك بهدوء لكن بثقة، يرسم خارطة حكومة تعكس أولوياته ولا تتنازل عن معايير التقييم الحقيقي. فإذا ما تم هذا التعديل، فسنكون أمام حكومة متجددة، أكثر جرأة، وأشد التصاقًا بواقع الأردنيين وتطلعاتهم.