وُلد سليمان إبراهيم المشيني في مدينة السلط الأردنية في 1 نيسان من عام 1928، في أسرة تنتمي إلى عشيرة العزيزات المسيحية المعروفة. تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة اللاتين، ثم أكمل الثانوية في مدرسة السلط الثانوية وتخرج منها عام 1946. منذ صغره، أبدى ميولًا أدبية واضحة، إذ كتب أولى قصائده في المرحلة الإعدادية، وشجّعه مدير مدرسته الإيطالي أنطوان فرغاني على الاستمرار في الكتابة.
في عام 1949، عندما زار الملك عبد الله الأول مدينة السلط، ألقى المشيني بين يديه قصيدة حازت إعجابه، فقال له الملك: "أنت شاعرنا يا مشّيني، ولك مستقبل في دنيا الشعر". كانت هذه شهادة ملكية مبكرة بموهبته الشعرية، ودفعًا للاستمرار في الكتابة.
التحق المشيني بالإذاعة الأردنية في عام 1957 عندما كانت في جبل الحسين ، وكان من المساهمين الرئيسيين في تأسيس إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية. تدرّج في المناصب حتى أصبح مديرًا عامًا للإذاعة عام 1985. برز اسمه في برنامج "جيشنا العربي" الذي أعدّه وقدّمه على مدار ثلاثين عامًا، وكان له دور كبير في دعم التوجيه المعنوي وتعزيز الروح الوطنية.
ساهم في إنشاء أكثر من ألفي برنامج إذاعي، وأعدّ أكثر من 300 أوبريت واسكتش وأغنية وطنية، وكتب أكثر من ألف حلقة من برنامج "صبا من الأندلس"، و50 مسلسلًا إذاعيًا. وكان لقصائده أثر كبير في تشكيل وجدان الأردنيين، خاصة في فترات التحدي الوطني.
من أبرز الأناشيد التي كتب كلماتها:
"فدوى لعيونك يا أردن" – غناء سميرة توفيق
"أنا الأردن" و"أردن شو ما بدّك منّا" – غناء إسماعيل خضر
"حيّوا الأردن أردنّا" – غناء هيام يونس
"ربع الكفاف الحمر" – غناء توفيق النمري
أما في مجال الشعر، فقد أصدر سلسلة دواوين بعنوان "صبا من الأردن" منذ عام 1970، وتضمّنت أكثر من 11 ديوانًا تناولت موضوعات وطنية، اجتماعية، وإنسانية. كتب أيضًا دواوينًا مخطوطة منها: "شقائق النعمان" (غزل)، "رباعيات سليمان في عشق الأوطان"، "جيشنا العربي"، و"رثائيات".
في مجال النثر، كتب روايات مثل "سبيل الخلاص" و"زاهي وعنود"، ومجموعات قصصية مثل "موعد في القدس" و"مع العبقريات"، وثلاث مسرحيات منها: "بطل من أوراس" و"أميرة جرش". كما كتب مقامات أدبية مثل "المقامة المانشيتية" و"المقامة العبدونية".
تميّز أيضًا بكتاباته في الصحافة الأردنية والعربية، وكتب مئات المقالات، إضافة إلى اهتمامه بأدب الأطفال والفتيان.
نال عدة أوسمة وجوائز تقديرًا لعطائه، منها:
وسام الاستقلال من الدرجات: الرابعة (1956)، الثالثة (1974)، الثانية (1984)
وسام الحسين للعطاء المميز من الدرجة الأولى (2006)
جائزة الدولة التقديرية والتشجيعية (2000)
تزوج من السيدة دمية، ابنة الأديب الفلسطيني عيسى روفا السفري، ولهما ستة أبناء. استشهدت ابنتهما دينا أثناء تأدية عملها كصيدلانية.
بعد تقاعده، ساهم في تأسيس اتحاد الكتّاب والأدباء الأردنيين، وكان عضوًا في هيئته الإدارية، ورئيسًا لمستشاري مجلة الكاتب الأردني، ومدير تحرير مجلة الشرطة التابعة للأمن العام، كما ترأس نادي السلط الرياضي الثقافي.
توفي سليمان المشيني في 20 ديسمبر 2018، عن عمر ناهز 90 عامًا، وشيّع من كنيسة العذراء الناصرية للاتين في الصويفية إلى مثواه الأخير في مقبرة أم الحيران ،أصدرت له ابنته نادرة " الأعمال الشعرية شبه الكاملة " له في أربعة أجزاء.
يُعد سليمان المشيني من أبرز رموز الثقافة الأردنية في القرن العشرين، إذ ترك أثرًا عميقًا في مجالات الشعر، الإعلام، وأدب المقامة، وظل اسمه محفورًا في وجدان الأردنيين بوصفه شاعر الوطن وصوت الروح الوطنية.