في لحظةٍ لم يكن أحد يتوقعها، خطف الموت الطبيب الشاب رمزي شحادة، فأطفأ شمعة عمره وهو في ريعان الشباب، وأغرق مدينة طمرة ومعها المجتمع العربي بصدمةٍ موجعة ما زال صداها يتردد في قلوب أهله وزملائه وأصدقائه الذين لم يعتادوا سوى على حضوره الدافئ وابتسامته الواثقة.
"نام ولم يستيقظ".. مأساة لا تُصدق
عاد رمزي من عمله كعادته، متعبًا بعد يومٍ طويل في خدمة المرضى، لكنه لم يستيقظ في صباح اليوم التالي. كان جسده ساكنًا، وروحه قد غادرت بهدوء كما عاش، دون سابق إنذار، دون وداع.
يقول قاسم شحادة، ابن عم الفقيد، في حديثٍ باكٍ لراديو الناس:
"رمزي لم يكن يشتكي من أي أعراض صحية، كان شابًا سليمًا ومليئًا بالحياة. ما حدث كان صادمًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. حمزة، شقيقه الذي يسكن في نفس البناية، هو من اكتشف الفاجعة حين حاول التواصل معه دون جدوى، ليجد أن رمزي قد فارق الحياة".
من إيطاليا إلى طمرة.. حلم لم يكتمل
الطبيب رمزي شحادة، خريج كلية الطب في إيطاليا، نجح في امتحانات مزاولة المهنة من المرة الأولى، وكان يحلم باستكمال تخصصه في الطب الباطني. حلمٌ كبير حمله بقلبه الشاب، وعاد به إلى وطنه ليخدم أبناء مجتمعه، لكن الموت عاجله قبل أن يرى النور الكامل لطموحاته.
غادر الحياة باكرًا، لكنه ترك بصمةً لا تُنسى، ووجعًا ثقيلًا في قلب كل من عرفه.
وفاة مفاجئة.. وصرخة أطباء: "لا تهملوا الفحوصات"
الموت المفاجئ للطبيب رمزي سلط الضوء على قضية طبية خطيرة كثيرًا ما يتم تجاهلها: النوبات القلبية الصامتة والمفاجئة.
في هذا السياق، قال الدكتور أسعد خوري، أخصائي أمراض القلب ومدير قسم القلب للأطفال في مستشفى رمبام، لراديو الناس:
"في العالم الغربي، تُشكل الوفيات المفاجئة بسبب أمراض القلب ما بين 15% و20% من مجموع الوفيات، وأحيانًا تكون الوفاة المفاجئة هي العلامة الأولى لمرضٍ قلبي لم يُشخّص بعد."
وأشار إلى أن الأسباب المحتملة تشمل:
تصلب الشرايين (جلطة قلبية)
عيوب وراثية في بنية عضلة القلب
اضطرابات كهربائية قاتلة في نظم القلب
نصائح قد تنقذ الأرواح
وفي ظل هذه الحادثة المفجعة، شدّد د. خوري على أهمية إجراء الفحوصات الدورية، ومراقبة ضغط الدم والكوليسترول، والامتناع عن التدخين، خاصة لدى الشباب تحت سن الأربعين الذين ترتفع لديهم نسبة الإصابة بالنوبات القلبية إلى خمسة أضعاف. كما أوصى بممارسة الرياضة وتخفيف الضغوط النفسية.
دمعةٌ لا تجف.. وذكرى لا تُمحى
غادر الطبيب رمزي شحادة بهدوء، لكن صدى رحيله مدوٍّ، يذكّرنا جميعًا بأن الحياة لا تُؤمَن، وأن نبض القلب قد يتوقف في لحظةٍ دون موعد.
رحيله فجّر دموعًا في كل بيت عرفه، وكل عيادة مشى فيها، وكل مريض ساعده.
نام الطبيب الشاب ليستريح من عناء يومه، لكن راحته الأخيرة لم تكن كما توقع أحد. رحل قبل أن تكتمل أحلامه، لكنه باقٍ في الذاكرة، كشمعةٍ أضاءت ثم انطفأت مبكرًا، وكتبت اسمها في وجدان الناس بحبرٍ من ألم ومحبة.