في وداع الرجال الكبار، تفيض الحروف حزناً، وتنكسر الكلمات أمام هيبة من ساروا على درب البطولة بصمت، وكتبوا على جبين الوطن مجداً لا يُنسى.
ففي مساء يوم الأربعاء الموافق 9 تشرين الأول 2024، ترجل الفارس، ورحل الشيخ فيصل علي شاهر الذياب الفايز – أبو عدي، أحد رجالات القوات الخاصة، الذين عرفوا الميدان، وعاشوا الرجولة في تفاصيلها.
لم يكن مجرد عسكري يؤدي واجبه، بل كان شجاعاً من طراز نادر، مقاتلاً صلباً لا يعرف التردد، ولا يخشى الموت.
شارك في مهمات صعبة وخطرة، منها تلك المهمة النوعية التي نُفذت في عُمان، وأخرى في منطقة ظفار، حيث انفجر لغم كان قد زُرع من قبل عناصر خارجة على النظام آنذاك ، ليثبت حينها الشيخ فيصل أنه ليس فقط جندياً، بل منقذاً يقفز في وجه الموت دون أن يرمش له جفن.
"كان من الناس اللي تقول له: قدامك عشرة آلاف إرهابي، يرد عليك فوراً: أنا رايح لهم" – هكذا وصفه رفاقه الذين عرفوه عن قرب، في الميدان، حيث لا مجال للتردد ولا للمجاملة.
شجاعته لم تكن فقط في ساحة المعركة، بل امتدت إلى ميدان الكلمة والحق.
فعندما خلع بزته العسكرية، لم يخلع عنها الوفاء للوطن، بل تحوّل إلى صوت حر لا يساوم، يكتب وينشر وينتقد الفساد بجرأة، ويدافع عن الحق في زمن الصمت.
كان يدون على صفحته الشخصية كلمات نابعة من الإيمان العميق بأن الوطن يستحق أن نضحي لأجله، وأن محاربة الفساد لا تقل أهمية عن الدفاع عن الأرض.
لم يكن ضابطاً في الرتبة، لكنه كان ضابطاً في السلوك والانضباط والشرف العسكري.
كان يحمل في قلبه انضباط الوحدات الخاصة، وولاء الجندي الأردني، وشجاعة الفرسان.
ورغم أنه لم ينل رتبة الضابط رسمياً، إلا أن كل من عرفه يعرف أنه كان "أزود من ضابط"، في عزيمته، في فكره، وفي رجولته.
برحيل الشيخ فيصل الفايز، يخسر الوطن أحد أبنائه الأوفياء، ورجاله الحقيقيين. لكنه يبقى حياً في ذاكرة رفاقه، وفي سطور من عرفوه مقاتلاً ومواطناً لا يلين.
سلامٌ على روحك، أيها الشجاع... وسلامٌ على كل من يشبهك في زمنٍ ندر فيه الشبهاء.