في عمر الرابعة والثلاثين، وبعد انقطاع دام عشرين عامًا عن مقاعد الدراسة، قررت فداء شبانه أن تعيد كتابة قصة حياتها بعزم وإصرار لا يُقهَر. وسط مسؤوليات عائلية وأعباء الحياة اليومية، لم تكن العودة إلى الصفوف الدراسية مجرد قرار، بل كانت تحديًا حقيقيًا لكل الصعوبات التي يمكن أن تواجهها امرأة في مثل ظروفها.
تحدّت فداء الظروف الاجتماعية والعملية، واجتازت امتحان التوجيهي من المرة الأولى بمعدل 84.9، وهو إنجاز يفتح أبواب التفاؤل أمام كل من يظن أن العمر قد يقف عائقًا أمام تحقيق الأحلام.
اختارت التخصص في "العمل الاجتماعي" في الجامعة الأردنية، حيث وجدت فيه رسالتها الحقيقية ومجال شغفها. لم تكن الطريق سهلة، فبين رعاية أربعة أبناء، واجبات المنزل، والمناسبات الاجتماعية، كانت ليالي السهر وساعات الدراسة المضنية رفيقتها الدائمة.
اليوم، تحتفل فداء بتخرجها بمعدل 3.94، وهو ليس مجرد رقم بل شهادة حقيقية على الجهد والتفاني. "هذا المعدل يعكس ليالٍ من السهر وأيامًا من التعب وإرهاقًا نفسيًا وجسديًا كبيرًا"، تقول فداء، مؤكدة أن هذا النجاح هو بداية جديدة تفتح لها ولعائلتها آفاقًا مشرقة.
وتتزامن فرحة فداء مع تخرج ابنها البكر من جامعة البلقاء التطبيقية في تخصص هندسة الميكاترونكس، بينما تواصل ابنتها الوسطى مشوارها في الجامعة الأردنية، حيث كانتا زميلتين في بعض المواد، ليكتمل المشهد العائلي المليء بالفخر والإنجاز.
فداء شبانه، التي أهدت نجاحها إلى نفسها وعائلتها وكل من يؤمن بأن الحلم لا عمر له، تلهمنا جميعًا أن الإرادة والقوة الداخلية يمكن أن تذلل أصعب التحديات.
"ما مضى كان مجرد بداية"، بهذه الكلمات تختتم فداء قصتها التي تؤكد أن النجاح ليس حكراً على عمر معين، بل لمن يؤمن ويحارب لتحقيق أحلامه.