حين يُكتب تاريخ المؤسسة العسكرية الأردنية، لا بد أن تبرز فيه أسماء حفرت مجدها بصمتٍ، وخدمت الوطن بصدقٍ وإخلاص، دون ضجيج أو بهرجة. من بين هؤلاء الرجال الأفذاذ، يبرز اسم اللواء الركن عبدالكريم محمد المطر، أحد أبرز الضباط الذين تركوا بصماتٍ راسخة في ميادين الحرب الإلكترونية والعمل الاستخباري والتخطيط العملياتي.
وُلد اللواء المطر عام 1963 في بلدة المشقر – ناعور، وتدرّج في درب العلم والانضباط منذ بداياته، حيث أنهى الثانوية العامة عام 1981 بمعدل 83% في الفرع العلمي، ليبدأ بعد ذلك مسيرة طويلة في صفوف القوات المسلحة الأردنية امتدت لأكثر من 37 عامًا ونصف العام.
التحق بالكليّة العسكرية عام 1981 وتخرّج منها عام 1983 برتبة ملازم، ومنذ اللحظة الأولى، سلك طريق التميّز والتخصص في صنف ضباط اللاسلكي، وخضع لجميع الدورات المتعلقة به، إلى جانب دورات متقدمة في اللغتين الإنجليزية والعبرية.
لم يقتصر حضوره على الساحة المحلية، بل كان حاضرًا دوليًا من خلال مشاركاته الخارجية في دورات احترافية بكل من مصر، العراق، والولايات المتحدة الأمريكية، فضلًا عن التحاقه بدورة القيادة والأركان، ثم دورة الدفاع في كلية الدفاع الوطني، والتي نال على إثرها درجة الماجستير في الإدارة والعلوم العسكرية.
ولأن الكفاءات لا تُقيّد بالحدود، فقد مثّل الأردن في عدة مهام دولية، منها عمله كـضابط ارتباط عسكري في القيادة الدولية لهيئة الأمم المتحدة في العاصمة الكرواتية زاغرب عام 1993، ومسؤولًا عن الاتصالات للمهمة الأممية في العاصمة الإريترية أسمرة عام 2003. كما شارك في مؤتمرات نوعية ومتخصصة في الولايات المتحدة الأمريكية، ما منحه بعدًا دوليًا في فهم البيئة العملياتية الحديثة.
تقلد خلال مسيرته سلسلة من المناصب الميدانية والإدارية، بدءًا من قائد سرية برتبة رائد، وصولًا إلى قيادة مجموعة الحرب الإلكترونية برتبة عقيد، ثم رئيس شعبة العمليات والمعلومات، فـرئيس مركز العمليات برتبة عميد، ثم مديرًا للحرب الإلكترونية من عام 2012 وحتى 2016، وهو المنصب الذي جعل اسمه يُذكر في أوساط القوات المسلحة كأحد رموز هذا المجال الحساس والاستراتيجي.
وفي عام 2016، نُقل إلى السلك الدبلوماسي العسكري، حيث تم تعيينه ملحقًا عسكريًا في العاصمة الصينية بكين، ليستكمل بذلك خدمته المشرفة حتى تقاعده في عام 2019 برتبة لواء، تاركًا خلفه إرثًا غنيًا من العمل والتضحية والتفاني.
اللواء عبدالكريم المطر... رجل دولة بصمتٍ، وقائد خدم الوطن بإخلاصٍ على مدار عقود، وترك في مؤسساتنا الأمنية والعسكرية مدرسة فكرية وعملية في الاتصالات والحرب الإلكترونية والتنسيق الدولي. إن من حق هذا الوطن أن يفاخر برجاله، ومن حق الأجيال أن تعرف من حملوا الراية بشرفٍ، وسلموها بكرامة.