في صفحات المجد الأردني، هناك أسماء لا تموت، تُروى للأجيال كأنها منارات خالدة، ومن بين تلك الأسماء، يتألق اسم الشهيد البطل خضر شكري يعقوب أبو درويش، الذي سطّر بدمه ملحمة من البطولة والفداء في معركة الكرامة، ليخلد في ذاكرة الوطن وسجل الخالدين.
ولد الشهيد في مدينة معان عام 1941، والتحق بـ الكلية الحربية الملكية بتاريخ 4 شباط 1961، وتخرج منها برتبة ملازم، حاملاً على عاتقه مسؤولية الدفاع عن كرامة وطنه وسيادته. تنقل في خدمته بين عدة وحدات عسكرية، أبرزها قيادة اللواء الهاشمي، إلى أن استقر في إحدى كتائب المدفعية، حيث كان للقدر موعد مع البطولة والشهادة.
في صباح معركة الكرامة المجيدة، كان الشهيد خضر يقود مجموعة ملاحظة أمامية على محور جسر الأمير محمد، وكان شوكة في خاصرة العدو، يلاحق تحركاته، ويصوب نيران المدفعية الأردنية بدقة استثنائية. وعندما حاول العدو التقدم عبر مثلث المصري، أعاد الشهيد تمركزه، مواصلًا مراقبته الدقيقة، ما ساعد قواتنا على صد العدوان، وإسناد الدروع الأردنية.
لكن دقة رمايته لم تمر مرور الكرام. فطن العدو إلى موقعه الجديد، وأرسل قوة لمحاصرته، وعندها جاءت كلماته الأخيرة عبر جهاز الاتصال، كلمات تهزّ الوجدان وتُدرّس في معاني الإيثار:
"طوّق العدو موقعي.. ارموا موقعي حالاً.. حققت الشهادة في سبيل الله.. الله أكبر."
وهكذا ارتقى الملازم الأول خضر شكري أبو درويش شهيدًا، محتضنًا الأرض التي عشقها، ومدافعًا عن شرف الوطن، ليُخلّد اسمه في سجل الأبطال الذين لم يعرفوا التراجع، ولم يترددوا في التضحية بالنفس لأجل العزّة والكرامة.