في حضن السلط الوادعة، وبين حجارة تاريخها العريق، وُلد العقيد الركن المتقاعد عكرمة هاشم عبدالرزاق القضاة عام 1968، ليبدأ من هناك مشوارًا مكللًا بالتميّز، ومحمّلًا بحلم الوطن والولاء له. تخرج من مدرسة السلط الثانوية، "أم المدارس"، عام 1985، حاملاً في قلبه انتماءً لا يلين، وعزمًا لا ينكسر.
سار القضاة نحو المجد بثبات، فالتحق بالفوج الثاني في الجناح العسكري بجامعة مؤتة، وتخرج ضابطًا برتبة ملازم عام 1989، بعد أن نال شهادة البكالوريوس في العلوم الإدارية. لكنه لم يتوقف عند حدود الواجب، بل وسّع مداركه وانخرط في أكثر من 20 دورة عسكرية متخصصة، كانت معظمها مشفوعة بالتميّز، ليحتل المراكز الأولى في أغلبها.
امتد أثره إلى الميادين الدولية، حين مثّل الأردن بكل اقتدار في عدد من الدورات الخارجية في بريطانيا، والولايات المتحدة، والباكستان، وكان آخرها دورة "إدارة الموارد الدفاعية" في أمريكا، حيث نال تقييم "امتياز" وترك بصمة واضحة.
وفي مسيرته العسكرية، تدرج القضاة في المناصب، من قائد فصيل وسرية، إلى قائد كتيبة، وكان له شرف أن يكون أول قائد لكتيبته ومن مؤسسيها الأوائل. لم يكن القضاة مجرد عسكري، بل كان أيضًا صاحب رسالة إعلامية وإنسانية، فقد انتُدب عام 2005 إلى قيادة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في إرتيريا/إثيوبيا (UNMEE)، حيث تولى مهام مساعد رئيس القسم الإعلامي، وكان ناطقًا رسميًا باسم البعثة في عدة مناسبات أمام الإعلام الدولي.
كما شغل خلال خدمته مناصب رفيعة، منها رئيس شعبة العمليات في إحدى وحدات القيادة العامة، ورئيس شعبة الإمداد والقوى البشرية، وكان خلالها مثالا في الانضباط والتفاني.
نال خلال خدمته عددًا من الأوسمة والإشارات العسكرية التي تزيّن بها صدره، شاهدةً على أعوامٍ من التضحية والفداء، حتى أحيل إلى التقاعد في مطلع عام 2014، بعد مسيرة مشرفة تشهد له بها ميادين الجيش.
لكن القضاة لم يعرف التوقف، فانتقل من ساحات التدريب إلى قاعات الدراسة، وواصل طريق العلم، حيث التحق ببرنامج الماجستير في إدارة الموارد البشرية بجامعة البلقاء التطبيقية، وتخرج بتقدير امتياز ومرتبة الشرف الأولى بمعدل 4/4، ساعيًا بعدها إلى نيل درجة الدكتوراه في ذات المجال.
إن العقيد الركن المتقاعد عكرمة القضاة ليس مجرد اسم في سجل المتقاعدين، بل قصة كفاح ملهمة لجندي جمع بين الانضباط العسكري والتميز الأكاديمي، ليظل نموذجًا حيًا لكل من يرى في حب الوطن والتسلح بالعلم طريقًا إلى المجد والخلود.