في سجل الوطن المجيد، تظل أسماء بعض الرجال محفورة بمداد العز والفداء، رجالٌ عاشوا لأجل الوطن، وسهروا من أجل رفعته، وتركوا بصمات لا تُمحى في ذاكرة القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي. من بين هؤلاء الأبطال، يبرز اللواء الركن المتقاعد الدكتور مصطفى النواصرة، رجل الميدان والفكر، المظلي الذي ارتفعت به الهامات، والعسكري الذي جمع بين القوة والقيادة والعلم.
ولد اللواء النواصرة عام 1962، وانتسب للخدمة العسكرية في 25 تشرين الأول عام 1981، ومنذ تلك اللحظة، بدأت رحلة عنوانها "الأردن أولاً"، امتدت حتى 30 تشرين الثاني 2016 حين أنهى خدمته برتبة لواء ركن مظلي، بعد 35 عاماً من العطاء المتواصل.
تميّز النواصرة بمسيرة علمية رفيعة، حيث حصل على دكتوراه في إدارة الأعمال من الجامعة الإسلامية، وماجستير في استراتيجية الأمن القومي من جامعة سابينتزا الإيطالية، إضافةً إلى عدة درجات علمية من جامعة مؤتة والولايات المتحدة، مما أهله ليكون قائداً مفكّراً لا مجرد رجل ميدان.
طوال سنوات خدمته، خاض النواصرة عشرات الدورات المتخصصة، من الدفاع الوطني إلى مكافحة الإرهاب، ومن الصاعقة والمظليين إلى القيادة والركن، مروراً بـدورات دولية في أمريكا، إيطاليا، وباكستان. لم يكن مجرد متلقٍ، بل مدرّباً، وموجهاً، ومستشاراً، وقائداً بارزاً في الميدان والعمليات الخاصة.
تولى اللواء النواصرة مهام حساسة ومفصلية، منها قائد العمليات الخاصة المشتركة، ومدير أمن وحماية المطارات الأردنية، وقائد لواء مظليين، وكتيبة وسرية قوات خاصة، وسرية مقاومة دبابات. وكل وظيفة تسلّمها كانت محطةً من محطات الإنجاز والكفاءة العسكرية.
ولأن الجهد لا يضيع، تقلّد النواصرة أوسمة وشارات تُعد فخراً لأي قائد، منها وسام الاستحقاق العسكري، وسام الاستقلال، وسام الكوكب، وسام حفظ السلام الأردني، ووسام الأمم المتحدة، ووسام الفارس الفرنسي، بالإضافة إلى إشارات الكفاءة بكافة أنواعها.
لم تتوقف مسيرته عند حدود الميدان، بل شارك في مهام حفظ السلام في أفغانستان وكرواتيا، وفرض الحربة في أفغانستان، كما مثّل الأردن في ندوات أمن الطائرات، ومكافحة المخدرات، والعمليات الخاصة، وكان مستشاراً وممثلاً للمملكة في اليمن والولايات المتحدة.
ولم يكن اللواء الدكتور النواصرة جندياً فحسب، بل كان أيضاً مفكراً، حيث ألّف كتباً مهمة منها:
"جدارات القيادة الاستراتيجية ودورها في بناء المنظمات الذكية"
"العولمة وأثرها على الثقافة العربية الإسلامية"
هكذا هم رجال الأردن الأوفياء.. رجال لا يتراجعون أمام الواجب، ولا يضعفون أمام التحديات. رجال سطروا بدمهم وعرقهم، فصول العزة والكرامة، فاستحقوا التقدير من كل أردني حرّ.
ونحن اليوم نقول للواء الركن الدكتور مصطفى النواصرة:
"كفيت ووفيت.. وسنظل نذكرك كلما رفرفت راية الأردن عالياً، فلك منا كل الوفاء والعرفان، ودمت ذخراً لوطنك تحت ظل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي."