في تطور يلفت الأنظار على جبهة التصعيد بين ايران وإسرائيل ، وعندما بدأت تل ابيب ترسل اشارات غير مباشرة أحيانا وعلنية احيانا أخرى تعرب من خلالها عن رغبتها في انهاء الحرب الدائرة ، وتحديدا كان ذلك بعد الضربة الأمريكية التي استهدفت المواقع النووية الإيرانية . وقد أظهرت بعض التصريحات لمسؤولين اسرائيليين أن الحكومة - الإسرائيلية - مستعدة لوقف اطلاق النار اذا أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي استعداده لذلك ، في رسالة بدت للكثير من المحللين والمراقبين الدوليين كمحاولة لفتح باب التهدئة والهدنة بذكاء دون الاعتراف المباشر والصريح بالحاجة الملحة والضرورية لها .
المراقب لدائرة الحدث يلاحظ أن تلك الرسائل والتي صدرت بعد عدة أيام من التصعيد ، لم تمر دون انتباه ودون تركيز من المحللين الدوليين بوجه عام وأوساط المحللين العرب بشكل خاص ، اللذين يرون في هذه الرسائل مؤشرا واضحا على حجم الضغط الكبير الذي تعرضت وتتعرض له اسرائيل بالداخل ، خصوصا في ظل الشلل الكبير الذي اصاب وما يزيل يصيب الجانب النفسي والحركة المعتادة في أحياء ومدن اسرائيل منذ اللحظة الأولى التي ضربت بها ايران عنجهية الكيان ، ناهيك عن التقارير التي ترد لهؤلاء المحللين عن تآكل المخزون الدفاعي الصهيوني فيما يتعلق تحديدا بالصواريخ الاعتراضية .
القارئ الجيد لما يدور في دائرة الحرب ، والمطلع الجيد على ما اجمع عليه المحللون يلتقط من بين الأسطر على ان هذا الخطاب الاسرائيلي الجديد والذي بدا للعيان لا يعكس ابدا انجازا عسكريآ حاسما ، بل هو اعترافا صريحآ ولكن لا يظهر بصورته المباشرة بل مغطى بالخبث الاعلامي غير المباشر والذي يظهر فعليا الثمن الباهظ الذي تدفعه اسرائيل نتيجة للرد الايراني ، لا سيما أن ما اريد التركيز عليه هنا هو عدم قدرة الضربات الأمريكية التي دفع بها الصهيوني نتنياهو - مشيرا هنا انه مطلوب للمثول امام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم الحرب في غزة - فأين المجتمع الدولي عنه ؟ - على تدمير المشروع النووي الايراني بشكل كامل ..
يدعي نتنياهو وتدعي اسرائيل أنها الحقت ضررآ بالغآ بالبرنامج النووي الايراني وانها قتلت علمائهم ، صحيح قتلت علمائهم ولكن ستبقى الأم المسلمة الولادة تنجب العلماء وتنجب المقاتلين وتنجب الأبطال ، والمؤشرات الميدانية التي نقرأها تؤكد ان ايران نجحت في انقاذ ليس كل بل بعض مكونات منشآتها النووية الحساسة ، مما يؤكد أيضا أن هذا المشروع باذن الله تعالى سيبقى صامدا وسيترك الباب مفتوحا امام علماء جدد لمواصلة البحث وتفعيل المختبرات وتحريك العقول الجبارة لأن يقف هذا المشروع على رجليه لاحقا .
كما ان القارئ الجيد لهذا المشهد يرى بأم عينه القلق الاسرائيلي النفسي والمعنوي والعسكري الكبير والعميق من توقع سيناريو حرب طويلة ، حرب استنزاف ، حرب عسكرية تستنزف قدراتهم العسكرية والاقتصادية والبشرية ، تضعف قدراتهم ، تضعف جبهتهم الداخلية ، لذا فالرسالة واضحة صحيح انها غير مباشرة الا انها توصل مسج ان اسرائيل تريد الهدنة ووقف الحرب ..
أقول لمن يقول : " اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين يا رب العالمين "
أنا معك بجزئية أن نخرج من بينهم سالمين يا رب العالمين ، ولكن لنأخذ جانبا واحدا فقط ونسأل أنفسنا سؤالا : من الأقرب الينا الايراني ام الاسرائيلي ؟
فالاجابة : الاسلام العظيم هو ما يجمع بيننا وبين الايرانيون ، على الرغم من الاختلافات المذهبية ..