لا شك أن للجامعات دورًا محوريًا في دعم وتنمية المجتمعات المحلية، لا سيما تلك التي تقع خارج العاصمة وتكون جزءًا أصيلًا من نسيج المحافظات والأطراف. فالجامعة ليست فقط منبرًا للعلم والمعرفة، بل هي أيضًا محرك اقتصادي، ومصدر إشعاع ثقافي واجتماعي، وشريك أساسي في التنمية الشاملة.
وهذه تجسيدا لرؤية جلالة القائد حين أمر بتأسيس جامعة الطفيلة ٢٠٠٥ ..ومن بين هذه الجامعات التي نعتز بها، تأتي جامعة الطفيلة التقنية، والتي أتشرف بالانتماء إليها منذ أكثر من سبعة عشر عامًا. تقع الجامعة في منطقة العيص، تلك المنطقة التي كانت في السابق هادئة إلى حدٍ كبير، ولكنها اليوم أصبحت نابضة بالحياة، تنبض بالحيوية، وتعج بالمحلات والمطاعم والخدمات التي تطورت بشكل ملحوظ. ولعل من أبرز مظاهر هذا التحول، هو ازدهار المشهد التجاري والغذائي، حيث انتشرت المطاعم الراقية التي لم تكتفِ بتقديم الطعام اللائق بأسعار مناسبة، بل ساهمت أيضًا في تشغيل طلبة الجامعة من الذكور والإناث، مما وفر لهم فرصًا حقيقية لاكتساب الخبرة والدخل.
أصبحنا اليوم نرى مطاعم مثل "أرام”، الذي أحرص شخصيًا على زيارته، وهو نموذج جميل لمكان يوفر فرص عمل للطلبة، ويقدّم خدمة محترمة ومميزة. وكذلك الحال مع مطاعم أخرى كـ”بيت المندي” و”مطعم المهندس”، وغيرها، والتي تشكّل علامات فارقة في نهضة المنطقة المحيطة بالجامعة.
إن هذه النهضة ليست أحادية الاتجاه؛ فكما أسهمت الجامعة في إنعاش المجتمع المحلي، فإن على المجتمع، وخصوصًا المقتدرين من أهالي الطفيلة، مسؤولية أخلاقية ووطنية في دعم الجامعة ومسيرتها. فالطفيلة عرفت منذ القدم بأهلها الكرام، أهل النخوة والطيبة والجود، والذين لا يتأخرون عن أداء واجبهم تجاه أبنائهم ومؤسساتهم.
نحن اليوم بحاجة إلى تعزيز هذه الشراكة المتبادلة، بحيث يدعم المجتمع الجامعة ماديًا ومعنويًا، وتستمر الجامعة بدورها في تخريج الكفاءات، ورفد السوق المحلي بالعلم والخبرة، والمشاركة الفاعلة في خدمة المجتمع بمختلف شرائحه.
إننا نحلم بجامعة ومجتمع محلي يسيران جنبًا إلى جنب؛ جامعة تضيء المكان بالعلم والمعرفة، ومجتمع يحتضنها بالعطاء والانتماء. هذه هي العلاقة النموذجية التي يجب أن تسود بين المؤسسات الأكاديمية ومحيطها، علاقة تبادل مصالح وتكامل في الأدوار، من أجل مستقبل أفضل للجميع.