في إطار تعزيز الابتكار الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي من خلال البحث العلمي، زار مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية، الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد الرواشدة، كلاً من محطة دير علا، ومحطة الكرامة، ومحطة شرحبيل بن حسنة، واطلع خلالها على المشاريع الابتكارية المنفذة في المحطات التابعة لمركز دير علا للبحوث الزراعية.
وخلال الجولة، تابع الرواشدة نتائج دراسة علمية متقدمة حول تحويل النفايات العضوية إلى بروتين حيواني باستخدام يرقات ذبابة الجندي الأسود (Hermetia illucens)، نُفذت بالتعاون مع المركز الإقليمي للإصلاح الزراعي والتنمية الريفية في الشرق الأدنى، وبتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).
وهدفت الدراسة إلى تحسين كفاءة تحويل النفايات من خلال اختبار تركيبات متنوعة من المخلفات الزراعية والغذائية لتغذية اليرقات، وقياس أثرها على معدلات النمو وكفاءة التحويل الحيوي .
وأظهرت النتائج أن مخلفات البطاطا والبندورة وسعف النخيل وأوراق الموز، تُسهم بشكل ملموس في تحسين معدلات النمو والتحويل الحيوي لليرقات، مما يفتح المجال أمام استخدام هذه التقنية كمصدر بديل وآمن للبروتين الحيواني، ويُعزز إدارة النفايات العضوية، ويدعم التوجّه نحو الاقتصاد الدائري.
وأشار الدكتور الرواشدة إلى أنه تم تجهيز مختبر بحثي متكامل لإجراء كافة التحاليل المتعلقة بهذه الحشرة، بالإضافة إلى إنشاء وحدة متخصصة في مركز دير علا لتربية وإكثار الحشرة، وتجهيز المواد الغذائية اللازمة لليرقات، ومراقبة دورة حياتها. وقد بينت التجارب أن خلط المخلفات الزراعية ومتبقيات الطعام الناجمة عن المنازل والفنادق والمطاعم يُحسن من تحويل هذه الفضلات إلى بروتين ودهون داخل أجسام اليرقات.
كما أكدت التحاليل أن مخلفات اليرقات تحتوي على مواد عضوية ونيتروجين، إلا أنها تتطلب تخميرًا هوائيًا قبل استخدامها كسماد عضوي آمن.
وشدّد الرواشدة على أهمية الرقابة البيئية على تراكيز المعادن الثقيلة في الكتلة الحيوية الناتجة، حفاظاً على سلامة السلاسل الغذائية والبيئة، مؤكدًا أن الابتكار لا ينفصل عن المسؤولية العلمية.
وأوضح الرواشدة أن حشرة الجندي الأسود تُعد من الحشرات النافعة، إذ لا تلسع ولا تضر الإنسان خلال فترة حياتها التي تمتد لنحو شهر، وتُستخدم عالميًا في تحويل النفايات إلى بروتين. كما أُجري مسح علمي للحشرة في الأردن، وتم توثيقها باسم Jordanone ضمن قاعدة بيانات NCBI، وتُنفذ كافة الأبحاث في هذا المجال على العينة الأردنية.
وفي سياق متصل، وجّه الرواشدة الفرق البحثية إلى تكثيف الجهود العلمية والتطبيقية لمكافحة سوسة النخيل الحمراء، نظرًا لخطورتها المتزايدة على أحد أبرز المحاصيل الاستراتيجية في الأردن والمنطقة. كما دعا إلى تعزيز مجمع الصبّار والحمضيات والنخيل، من خلال إدخال أصناف ذات جدوى اقتصادية وتسويقية، مثل: السكري، المبروم، الصقعي، عجوة المدينة، العنبر، الصفاوي، نبتة علي، الخضراوي، والشيشي.
وقال الرواشدة: "علينا أن نستثمر في البحث العلمي ليس فقط لإنتاج الغذاء، بل لحمايته. تحويل النفايات إلى بروتين، ومكافحة سوسة النخيل، هما وجهان لرؤية واحدة نحو زراعة آمنة ومستدامة".