في ظل الاحتفالات بعيد الجلوس الملكي السادس والعشرين، تتواصل الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، حارسةً الحقوق الدينية ومرسّخة الهوية التاريخية للمقدسات الدينية، ففي عهد جلالته تعزز هذا الدور أكثر فأكثر، حيث أعلن جلالته مرارًا أن الوصاية الهاشمية هي مسؤولية تاريخية ودينية لا تقبل التنازل.
ومن خلال جهود دبلوماسية مكثفة، عمل جلالته على الدفاع عن القضية الفلسطينية ودرتها القدس، والدفاع عن حقوق المسلمين والمسيحيين في المدينة المقدسية، ومنع تهويدها، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، وهو ما يؤكده جلالته في أكثر من مرة في المحافل الدولية قائلا: "انطلاقًا من الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، فنحن ملتزمون بالحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها، وحماية أمن ومستقبل هذه الأماكن المقدسة".
وتؤكد السياسة الأردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني في كل مناسبة على الرابطة القوية دينياً وقومياً وتاريخياً للهاشميين والعرب والمسلمين عموماً بالقدس، وعلى مكانة هذه المدينة المقدسة لديهم، إذ ارتبط الهاشميون تاريخياً، بارتباط وثيق العرى جيلاً بعد جيل، بعقد شرعيّ مع تلك المقدسات، فحفظوا لها مكانتها، وقاموا على رعايتها، مستندين إلى إرثٍ ديني وتاريخي، وارتباطٍ بالنبي العربي الهاشمي محمد صلّى الله عليه وسلم.
فالوصاية الهاشمية، غدت اليوم محل إجماع دولي تسنده سياسة راشدة يقودها جلالة الملك في دفاعه المتواصل عن الأرض العربية، وفي مقدمتها فلسطين وقلبها القدس الشريف، وتعد الوصاية شريكاً مهماً في دعم صمود المقدسيين، إذ تستند إلى قوة تاريخية وقانونية مهمة، وأن الوصاية والدور الأردني لا يقتصران على رعاية المقدسات فقط، بل في حقيقتهما يشكلان سندا لحماية الأمة.
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله توفيق كنعان قال لوكالة الأنباء الأردنية (بترا):"يعيش وطننا الغالي في هذه الأيام المباركة التي تغمرها نفحات عيد الأضحى المبارك، مناخ من الاعتزاز والفخر بمناسبة الذكرى 26 لعيد الجلوس الملكي لجلالة الملك عبد الله الثاني، وهي ذكرى تروي للأجيال مسيرة عطاء وبذل هاشمي مستمر في دعم القضايا العربية والإسلامية والإنسانية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وجوهرتها القدس، مسيرة هاشمية متمسكة بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وأضاف: لأن فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص، قِبلة الرعاية والوصاية الهاشمية وبوصلتها المقدسة التي لن تحيد مهما كانت التحديات وبلغت التضحيات، خاصة في هذا الوقت العصيب الذي تشهد فيه فلسطين بمدنها وقراها ومخيماتها كافة هجمة صهيونية تقودها حكومة اليمين المتطرفة.
وما يشاهده العالم الصامت للأسف في غزة هاشم من عدوان الإبادة والتهجير، لا يقل خطراً عن مواصلة جماعات الهيكل والمستوطنين وبحماية ومشاركة شرطة وحكومة الاحتلال الاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، إضافة إلى التقلبات والأزمات العالمية شرقاً وغرباً وبصورة جعلت الملفات السياسية الساخنة في أروقة الأمم المتحدة والدبلوماسية الدولية متعددة ومتشعبة، ولكن تبقى القضية الفلسطينية وتداعياتها هي القضية الأولى عالمياً إذا أراد العالم الحر حقاً ترسيخ الأمن والسلام.
ومنذ اللحظة الأولى لتولي جلالته سلطاته الدستورية وجلوسه على العرش، أكد أن النهج الهاشمي سيبقى على عهد الآباء والأجداد تجاه فلسطين والقدس، ففي خطاب جلالته إلى أبناء الشعب الأردني والأمة العربية والإسلامية والعالم بتاريخ 22 آذار عام 1999م قال جلالته : "وسيبقى الأردن بإذن ﷲ جزءاً لا يتجزأ من أمته العربية يدافع عن قضاياها العادلة، ويسعى لتوحيد كلمتها وموقفها تجسيداً لقناعتنا بوحدة الهدف والمصير، وعلى هذا سنستمر في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني الشقيق حتى ينال حقوقه، ويقيم دولته المستقلة على ترابه الوطني، ويتحقق السلام الشامل والدائم لشعوب المنطقة..".
وفيما يخص مدينة القدس واستمرار أمانة الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، فإنه وفي عهد جلالته كانت وما تزال الكثير من محطات الإعمار والمبادرات الملكية السامية شاهدة للعيان على الرعاية الهاشمية، ومن ذلك بتاريخ 18 تشرين الأول 2002م وضع جلالة الملك عبدالله الثاني اللوحة الزخرفية الأساسية على منبر صلاح الدين الأيوبي الذي أمر بإعادة إعماره المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال- طيب الله ثراه.
وبتاريخ 25 تموز 2006م أزاح جلالته الستار عن المنبر مؤذناً ببدء عملية نقله، ليتم نقله وتثبيته في موقعه بتاريخ 2 شباط 2007م وبهذا التاريخ أقيمت أول خطبة صلاة الجمعة في المسجد الأقصى على المنبر بعد إعادة ترميمه وتركيبه، وإلى جانب الإعمار والترميم المستمر للمقدسات الإسلامية كان الحرص الهاشمي على إعمار المقدسات المسيحية، ومن ذلك مبادرة إعمار "القبر المقدس" في كنيسة القيامة عام 2016م.
وبين كنعان، أنه على الصعيد الدبلوماسي المستمر لجلالته في الدفاع عن القدس وفلسطين وقضيتها العادلة في المحافل الدولية كافة، وبتوجيهات سامية من جلالته ساهمت الدبلوماسية الأردنية في صدور قرار منظمة اليونسكو بتاريخ تشرين الأول 2016 الذي أكد، أن المسجد الأقصى المبارك، الحرم القدسي الشريف (بمساحته الكاملة 144 دونماً) مُلك خالص للمسلمين ولا علاقة لليهود به قطعاً، وطالب القرار إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) بإتاحة العودة إلى الوضع التاريخي الذي كان قائماً حتى أيلول 2000م، إذ كانت وما تزال دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية السلطة الوحيدة المشرفة على شؤون المسجد الأقصى.
وأضاف: كما جاءت المبادرات الملكية، ومنها مبادرة وقفية الكرسي المكتمل لدراسة فكر الإمام الغزالي عام 2012م، ووقفية (المصطفى لختم القرآن الكريم في المسجد الأقصى المبارك) عام 2022م، وفي عام 2024م أعلن جلالته عن منحة مالية لتذهيب الزخارف التاريخية في قبة الصخرة المشرفة، وقد نال جلالته نظير جهوده في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ودعواته المتكررة للسلام العديد من الجوائز العالمية، منها جائزة تمبلتون عام 2018، وجائزة مصباح السلام وجائزة رجل الدولة الباحث عام 2019، وجائزة زايد للأخوة الإنسانية عام 2022م.
واليوم وبتوجيهات ملكية مباشرة يستمر الأردن في واجبه الوطني والقومي انطلاقاً من دوره التاريخي وأمانة الوصاية الهاشمية في الدفاع عن فلسطين والقدس، وفيما يخص المسجد الأقصى، فإن وزارة الأوقاف، ومن خلال مديرية أوقاف القدس ومجلس أوقاف القدس التابعة لها، تشرف على إدارة ورعاية المسجد والإنفاق على ذلك بموازنة سنوية خاصة.
وأشار كنعان إلى الحرص على رصد أي انتهاكات إسرائيلية من اقتحامات أو منع للمصلين أو تعطيل للصيانة ورفعها للمنظمات الدولية والمطالبة بإلزام إسرائيل بعدم مخالفة القرارات الدولية، وإلى جانب ذلك تواصل العديد من المؤسسات الرسمية الأردنية دورها في دعم صمود المقدسيين ورعاية مقدساتهم، ومنها لجنة إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة المعنية بأعمال الإعمار والترميم والصيانة والصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة الذراع المالي للإعمار، واللجنة الملكية لشؤون القدس ولها العديد من المهام التوعوية بقضية القدس وفضح الممارسات الإسرائيلية ورصدها والتحذير من مخاطرها، إلى جانب مؤسسات أهلية، مثل لجنة "مهندسون لأجل القدس" التي تتبع نقابة المهندسين الأردنيين ولجنة "أطباء لأجل القدس"، وتتبع نقابة الأطباء الأردنيين، وأكثر من 20 جمعية أهلية معنية بالقدس مقرها الأردن.
وقال، إن اللجنة الملكية لشؤون القدس ترفع لجلالة الملك عبد الله الثاني وللأسرة الهاشمية والشعب الأردني، وكل الأحرار في العالم أسمى عبارات التهنئة بمناسبة عيد الجلوس الملكي، وتبين أن فلسطين ودرتها القدس ستبقى القضية المركزية والملف الأبرز في سياسة جلالته وجهوده الدؤوبة، في وقت يواصل فيه الأردن القيام بواجبه الوطني والقومي والإنساني تجاه الأهل في فلسطين، من خلال الجهود الإغاثية والإنسانية والسياسية والدبلوماسية المستمرة، وسيبقى أردن الهاشميين والعطاء والخير يواصل دوره تجاه الأشقاء في فلسطين والقدس مهما كان الثمن وبلغت التحديات، وستبقى أقوال جلالته وثوابته تجاه القدس وفلسطين (القدس خط أحمر، وكلا للتهجير وكلا للتوطين وكلا للوطن البديل)، نهجاً ونبراساً هاشمياً نتمسك به وبمرتكزاته نصرة للحق الفلسطيني ولتحقيق العدل والسلام والأمن في المنطقة والعالم، وفقا لكنعان.
أمين عام وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلاميّة، الدكتور عبدالله العقيل، قال إنه تطبيقاً لوصاية جلالة الملك عبدالله الثاني، صاحب الوصاية والرعاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك الذي يحظى بأهمية دينية وتاريخية خاصة لجلالة الملك وجميع الهاشميين، وتحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في عمان، حققت دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك مجموعة من الإنجازات في خدمة المسجد الأقصى المبارك وحمايته، ودعم صمود المقدسيين في القدس الشريف.
وبين، أن من أبرز الإنجازات في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، إعمار وصيانة وترميم معالم المسجد الأقصى المبارك الحرم القدسي الشريف، والحفاظ على المسجد الأقصى المبارك وتهيئته لاستقبال المصلين ورواده المسلمين، ودعم التعليم في مدينة القدس.
وأضاف العقيل، أن الإنجازات تمثلت في الإشراف على المساجد في مدينة القدس وتعزيز دورها في إرشاد وتوجيه المجتمع المحلي ونشر قيم الدين الإسلامي والحفاظ على الأملاك الوقفية في مدينة القدس، وتطوير برامج للباحثين وطلبة العلم من مختلف الفئات (مكتبة المسجد الأقصى المبارك)، وتطوير قسم ترميم المخطوطات في المسجد الأقصى المبارك، ودعم صمود المقدسيين (الزكاة)، والحفاظ على العلاقات مع المؤسسات الخارجية، والحفاظ على المقتنيات التاريخية الموجودة في المتحف الإسلامي في المسجد الأقصى المبارك وعرضها، وفضح اعتداءات سلطات الاحتلال والمتطرفين اليهود بحق المسجد الأقصى المبارك ومواجهتها.
وأشار إلى تنفيذ وقفية المصطفى لختم القرآن الكريم في المسجد الأقصى المبارك، والتي أوقفها جلالة الملك عبد الله الثاني، صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، والتي شجعت مئات المصلين على القدوم للمسجد الأقصى المبارك والرباط في جنباته وقراءة وختم القرآن الكريم في المسجد القبلي وقبة الصخرة المشرفة يومياً وطيلة النهار.
وأشار إلى تنفيذ وقفية الكرسي المكتمل لدراسة فكر الإمام الغزالي في المسجد الأقصى المبارك، والتي أوقفها جلالة الملك، صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، بهدف إنشاء صرح أكاديمي إسلامي في المسجد الأقصى المبارك لكي يعمر المسجد بالعلماء وطلبة العلم، حيث تم رصد مليوني دينار لهذه الوقفية، بحسب العقيل.
المطران المقدسي الدكتور منيب يونان رئيس الاتحاد اللوثري سابقاً قال:"أحييكم من القدس الشريف التي بحاجة إلى أدعيتكم لإحقاق السلام العادل فيها، مشيراً إلى أن الوصاية الهاشمية للمقدسات المسيحية والإسلامية في القدس حافظت على الوضع التاريخي القائم في القدس، وحافظت على الاستمرار في العبادة فيها على الرغم من بعض التعديات المدانة من بعض المتطرفين. كما وقد حافظت الوصايا الهاشمية على عروبة القدس".
كما وأشار إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني تكرم بالتبرع في صيانة المقدسات المسيحية والإسلامية سواسية، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن هذه الوصاية التي هي معاهدة دولية حافظت على صمود هذه المقدسات شامخة في قدسنا الحبيبة، كما حافظت على صمود أهلها فيها، وكما قال رؤساء مجلس الكنائس المسيحية عام 2016:"كما أن كنيسة القيامة هي للمسيحيين فقط هكذا المسجد الأقصى والحرم الشريف هما للمسلمين فقط".