قد نتفهم دور الجاهات التي يترأسها اصحاب العقل والعبي في المناسبات الاجتماعية السارة مثل جاهات الخطوبة وان كان فيها الكثير من المبالغات وامور لا يمكن تبريرها في نظري.
اما ان تصل الأمور ان تتدخل هذه الجاهات لمعالجة قضايا على مستوى وطني، فهذا لا يبشر بخير.
ان الاعتداء على المعلم ومن ثم محاولة حل الأمور عن طريق الجاهات انما هو اعتداء على النظام التعليمي والتربوي باكمله ، وهذا امر خطير جدا انما يؤشر إلى ان الأمور متجهة إلى الإيغال في فقدان هيبة التعليم وهيبة المجتمع ، ويجب ان يوضع حد لذلك، ففي ذلك ضياع للحق الشخصي وحق الوطن والمجتمع، ويجب ان تكون هيبة القانون فوق كل الاعتبارات ويجب ان ينال المعتدي أقصى أنواع العقوبات ، لينال العقوبة لاعتدائه على مواطن له حقوق بالتساوي مع افراد المجتمع والاعتداء على نظام التعليم الذي هو من اهم مقومات الدولة والمجتمع.
حقيقة لا ندري كيف نقنع ابناءنا في الخارج ان كرامة الانسان في وطنه، حين يسمع ويرى ان المعلم يضرب ويعتدى عليه ومن ثم تحل الأمور بفنجان قهوة. قد يقول قائل ان هكذا اعتداء قد يحدث في اكبر الدول ، نقول نعم ، ولكن العقوبات تكون صارمة جدا ورادعة.
كنت قد حدثت لي حادثة تصادم سيارة في مدينة شيكاغو سنة ١٩٩٦ ، ونجوت بارادة الله، حيث تحطمت سيارتي حطاما كاملا بحيث لم يصدق الكثيرين ممن حضروا انني نجوت إلا من رضوض والام لازمتني شهورا. لم استقبل جاهات ولم يتصل بي احد من اجل الصلح، ولم ارى الطرف الاخر والذي كان المتسبب في الحادث إلا امام القاضي، ونلت حقوقي كاملة.
ان الجاهات التي تعالج مثل هذه المشاكل يقع منها ظلم كثير على الضحايا. كم من ضحايا حوادث سيارات إصاباتهم في نظر من يترأس الجاهة هي بسيطة ، ولكن قد تكون عواقبها يعاني منها المصاب مدى الحياة. كم من مصاب تشافى من كسور ورضوض، ولكن رضة او رجة دماغية يصحو بعدها بأيام وفي نظر الناس قد شفي منها، ولكن تظهر اثارها بعد سنوات مثل نوبات الصرع على سبيل المثال. من يتكفل بعلاج المريض بعد مرور السنين.
ونعود إلى جاهات الخطوبة على سبيل المثال، ياتي الخاطب بجاهة قد يكون تعداد أفرادها يتجاوز ال ١٠٠- ٢٠٠ شخص، ومثلهم من اهل الفتاة ، ومعظمهم لا يعرفون بعضهم بعضا، كلهم يصافحون بعضهم بعضا، وبعد ان توزع الكنافة ، نصف ساعة وكل في طريقه، وطبعا هناك موضة دارجة ان من يترأس الجاهة يفضل ان يكون من اصحاب المراكز المتقدمة و الالقاب، العملية كلها تمثيل بتمثيل ، ولا تمت للدين بصلة. وطبعا إذا ما صار خلاف لاحقا بين الطرفين، قد يكون على طبخة محروقة او فيها زيادة كمية الملح ، تنتهي بطلاق من دون شهود.
ترى إلى متى ستبقى مجتمعاتنا مثقلة بهذه المظاهر المرهقة والتي تتسبب بضياع الكثير من الحقوق.