للسواعد معول العطاء والعمل وللاسم وقع خاص على القلوب والاسماع والذكريات ؛ كيف لا وهي منتجع القرى والحواضر .
"اخي ان وردت "السيل" قبل ورودي فحيّ ذمامي عنده وعهودي
وقبل ثرى فيه امتزجنا أبوّة ونسلمه لابن لنا وحفيدي " .
الوالة البلدة الكامنة على خاصرة السيل تهتف في مسرح الحضارات :
" عين الحمى تبكين والسحب تبكينا
هاتي صلاح الدين ثانية فينا
لكل امر حين خل البكا حينا
الشامخ العرنين عزاً وتمكينا
وجددي حطين أو شبه حطينا " .
النزهة من سرج الجبل تلقي تحية الصباح والمساء على جارها السلسبيل الازلي معين " القرب" التي تطفئ ظمأ المسافات .
" انت بين القلوب والاحداق ايها النهر يا عصي التلاقي
ساكن في بنيك حيث تولوا في القريب الداني وفي الافاقِ ".
اول ما يولد من عروق البادية ويستريح باحضان بني حميدة ويذوب في البحر المالح :
" سميري وهل للمستهام سمير
تنام وبرق الابرقين سهير
تمزق احشاء الرباب نصاله
وقلبي بهاتيك النصال فطير " .
عناق ابدي بين الصخور والاشجار والماء تنكأ ذاكرة التاريخ ، ليستيقظ " فلدينا من الشمس ما يحرق نعاس كل من يفيق ، ويفكر بالعودة للنوم " .
هنا للاسكندر الفاتح الكبير اثر وحكمة تؤذن في أذن الزمان فحواها " لا شيء مستحيل على من يحاول ، ومن لم يكفه العالم يكفيه قبره الان ، وتذكر أن سلوك الجميع يتوقف على سلوك كل منا " .
هنا منتجع ميشع بن كموش ملك مؤاب الذيباني الذي حرر البلاد وبنى المدن وعبّد الطرقات وخلّدها في مسلته المشهورة .
هنا توقف صلاح الدين في طريقه لتحرير الكرك اولا ثم تحرير القدس وغنت له الافاق بملء فيها :
" جند السماء لهذا الملك اعوانُ من شك فيهم فهذا الفتح عنوانُ
هذي الفتوح فتوح الانبياء لو ما لها سوى الشكر بالافعال اثمانُ " .
لطالما خيّم هنا الملك الظاهر ركن الدين ابو الفتوح بيبرس البندقداري قاهر المغول :
" لهفي على الملك الذي كانت به الدنيا تطيب فكل قفر منزلُ
الظاهر السلطان من كانت له منن على كل الورى وتطوّلُ
لهفي على ارائه تلك التي مثل السهام الى المصالح ترسلُ " .
على لثغة الماء مرسوم مدون بسفر التاريخ " يسقط الرجال ويقومون كاوراق الخريف لكن تبقى اسماؤهم لا تموت ابدا " .
يصرخ الحاضر في اسماع الاجيال " هل خر مهرك يا صلاح الدين هل هوت البيارق ؟ ! " .
ويؤذن التاريخ في اذان احفاد صلاح الدين ان الامة تنتصر حين لا تتوه في الهويات ولا تتمرس تحت عنوان مسقط الراس بل تنظر الى تاريخ الرجال واماناتهم وافعالهم ولو كان من خرسان " فسلوك الجميع يتوقف على سلوك كل منا " .
من هنا ضافي الجمعاني مانديلا العرب الذي سجن ربع قرن في سجون الشام ؛ يحضن عروبته من شنقيط الى الاحواز ومن اضنة الى سوقطرة .
" اخي ان شربت الماء صفوا فقد زكت خمائل جناتي وطاب حصيدي " .