تُعتبر مدينة بيت راس الأثرية، الواقعة شمال الأردن في محافظة إربد، من أهم وأشهر مدن الديكابوليس الرومانية التي تحمل في طياتها تاريخًا عريقًا يمتد عبر عصور متعددة. تتميز المدينة بعدة معالم أثرية ومعمارية فريدة، وبتنوع حضاري يعكس تفاعل الثقافات الهلنستية والرومانية والبيزنطية والإسلامية، ما يجعلها وجهة مميزة للباحثين والسياح على حد سواء.
الباحث في الشؤون الأثرية ساهر طويق قال أن بيت راس تتميز بمعالم معمارية فريدة، أبرزها المسرح الروماني الذي يحتوي على بقايا لوحات فريسكو وزخارف حجرية ونقوش يونانية، إلى جانب وجود ثلاث كهوف في الأوركسترا ونظام تصريف مائي متكامل.
وأشار طويق إلى أن المسرح يتميز بوجود أبراج على جوانبه، وهي سمة فريدة لمسرح بيت راس، كما أن البركة الضخمة المبنية من الحجر وتحتوي على نظام فلترة مياه تُعد من أبرز معالم الموقع. وتبلغ سعة البركة حوالي 22 ألف متر مكعب.
وأضاف أن ما تم اكتشافه حتى الآن لا يتجاوز 10% من المدينة الرومانية، وأن بيت راس تحتضن الكثير من الكنوز الأثرية المدفونة تحت الأرض، مشيرًا إلى أن الموقع يحتاج إلى المزيد من البحث والتنقيب للحفاظ عليه وتسليط الضوء على أهميته.
خبير الآثار الدكتور إسماعيل ملحم
يرى أن موقع بيت راس يكتسب بُعدًا حضاريًا مميزًا بسبب موقعه الاستراتيجي الذي يطل على سهل حوران والهضبة الشمالية الأردنية، كما أنه يحتفظ بطبقات حضارية متعددة من العصور الهلنستية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.
وأوضح د. ملحم أن أبرز الاكتشافات تشمل المدرج الروماني المنحوت جزئيًا في الصخر والذي كان يتسع لما يقارب 3000 شخص، والبركة الصخرية التي تعكس تقدمًا في نظم الحصاد المائي، إضافة إلى مقبرة كهفية تحتوي على لوحات فريسكو ونقوش يونانية، وشبكة أنفاق وممرات تحت الأرض.
ولفت إلى أن التوسع العمراني العشوائي شكل تهديدًا واضحًا للموقع الأثري، داعيًا إلى وضع خطة وطنية للحماية والترويج، مع تطوير البنية التحتية السياحية لإنعاش الموقع وتحويله إلى مقصد سياحي هام.
الدكتور أحمد الشريدة، الباحث في الشؤون الأثرية
أشار إلى أن بيت راس تعد من مدن الديكابوليس المهمة، وتقع على ارتفاع حوالي 640 مترًا فوق سطح البحر، ما يمنحها موقعًا جغرافيًا مميزًا يطل على مناطق واسعة في شمال بلاد الشام.
وبيّن الشريدة أن المدرج الروماني في الموقع يتسع لحوالي 1500 متفرج، وقد نُحت من الحجر الجيري المحلي ليندمج بانسجام مع الطبيعة والتضاريس المحيطة.
وأكد الشريدة أن الموقع يحتاج إلى المزيد من الحفريات والتنقيبات للكشف عن معالم أثرية دينية ومدنية لا تزال مخفية تحت الأرض، مشددًا على أن بيت راس تحمل كنوزًا أثرية هامة تستحق الاهتمام والبحث.