في عالم التسويق العقاري، لم يعد الإعلان وسيلة لعرض المعلومة فحسب، بل أصبح أداة تُستخدم بدهاء لاقتناص بيانات العملاء، وتحويل فضولهم العابر إلى بابٍ مفتوح للملاحقة اليومية.
يبدأ السيناريو المعتاد بإعلان عقاري جذّاب: شقة أو فيلا بمساحة رائعة، وتقسيط مريح، وعدد سنوات سداد ممتد، وربما عرض "محدود المدة”. كل التفاصيل موجودة بدقة… باستثناء أهم عنصر: السعر الإجمالي.
وهنا تقع "الغلطة الكبرى” يتصل العميل أو يترك رقم هاتفه للحصول على السعر، معتقدًا أنه بذلك يقترب خطوة من القرار. لكن الحقيقة أن تلك الخطوة هي بداية الحصار.
بمجرد أن يدخل الرقم إلى النظام، يتحول العميل إلى هدف دائم. تبدأ الاتصالات من فرق المبيعات: "طيب شوف العقار ده”، "إيه رأي حضرتك في الشقة دي؟”، "طب فيه مشروع تاني يمكن يناسبك”، صباحًا، ظهرًا، مساءً، وأحيانًا فجراً، دون أدنى مراعاة للخصوصية أو رغبة العميل في التوقف.
لم يكن العميل يبحث عن كل هذا… كان فقط يريد أن يعرف السعر.
لكن اللعبة ليست في بيع عقار معين، بل في "اصطياد بيانات”، وتوسيع قاعدة العملاء المحتملين، حتى وإن لم يكن العقار الأصلي مناسبًا لهم على الإطلاق.
تتحول العلاقة من اهتمام متبادل إلى ملاحقة غير مرغوبة. والسبب ببساطة؟ أن العميل "أخطأ” وترك رقم هاتفه.
هكذا تعمل مصيدة العملاء في السوق العقاري. إعلان ناقص المعلومة، مدفوع بعبارات جاذبة، يخفي وراءه نية تسويقية شرسة.
وللأسف، ما زال كثير من العاملين في المجال يظنون أن الإلحاح وسيلة فعالة للإقناع، بينما الحقيقة أن الإلحاح المفرط يخلق انطباعًا سلبيًا يدفع العميل بعيدًا بدلًا من أن يقرّبه