على أرض هذا الوطن الطاهر، وُلد رجال حملوا أرواحهم على أكفهم، ووهبوا أعمارهم في سبيل رايته وأمنه. لم تكن حياتهم مسيرة مهنية فحسب،
بل كانت ملحمة من الوفاء، والإخلاص، والتضحية. ومن بين هؤلاء، يسطع اسمان لا يغيبان عن ذاكرة الوطن: الفريق أول ركن المرحوم محمد ماجد العيطان، والفريق الركن العين جمال سالم الشوابكة – رفيقا الدرب، والسلاح، والعرش.
محمد ماجد العيطان.. من ميادين الشرف إلى رحمة الله
تدرّج الراحل العيطان في سلم الخدمة العسكرية من رتبة ملازم، ليصل إلى أرفع رتبة عسكرية في تاريخ الجيش الأردني: فريق أول.
كان من أوائل من انضموا إلى القوات الخاصة، حيث شارك في تأسيسها وبناء عقيدتها القتالية. عُرف برؤيته العسكرية الثاقبة ومهارته في التخطيط والقيادة،
فكان له بصمة واضحة في تطوير التمارين والمناورات القتالية على مستوى الجيش العربي.
اختاره القائد الأعلى للقوات المسلحة الاردنية ـ الجيش العربي مديراً للأمن العام، وهو تكريم لا يُمنح إلا لأكثر الرجال كفاءة وولاءً بعد التقاعد انتقل ليترأس الهيئة الخيرية الهاشمية، ليخدم الأردنيين من موقع إنساني، حتى وافته المنية وهو على رأس عمله، مكللاً بسيرة عطرة ومجد خالد.
جمال الشوابكة.. ظلُّ الملك وسيفه
الفريق الركن المتقاعد جمال سالم الشوابكة "أبو ماهر"، هو الآخر سلك درب العسكرية من رتبة ملازم، ليتدرج بجدارة حتى وصل إلى رتبة فريق ركن.
كان قائداً للعمليات الخاصة، رجل الميدان والقرار، وكان حاضراً في أخطر وأدق اللحظات إلى جانب جلالة الملك عبدالله الثاني منذ أن كان أميراً.
في لحظة فارقة من تاريخ الأردن، وعند اقتحام جلالة الملك لجماعة إرهابية في أحد المدن الأردنية التي كانت تهددها يد الإرهاب، كان الشوابكة إلى جواره، يحميه ويغطيه بوفاء الجندي الأمين، مدركاً أن القائد الأعلى يقتحم ميادين الخطر دفاعاً عن شعبه، وأن عليه أن يكون الدرع الحامي.
كان الشوابكة أحد أعمدة التخطيط الاستراتيجي للمناورات الكبرى، ورافق جلالة الملك في زياراته العسكرية، فكان ظله في الميدان وسيفه في القرار.
عند وفاته، لم يكن مستغرباً أن يكون جلالة الملك في مقدمة مشيعيه، يودعه كما يودع القائدُ رفيقَ دربه وميدان شرفه، لتكتب الأرض الأردنية اسم جمال الشوابكة على جبينها كما كتبته السماء في سجل الخالدين.
وطن لا ينسى رجاله
العيطان والشوابكة لم يكونا مجرد ضباط، بل كانا رجال مرحلة، وصناع مجد، ونموذجاً للانتماء المطلق والولاء المطلق. جمعتهما ميادين الشرف، وميادين الإنسانية، ورافقا الملك عبد الله الثاني في السلاح والفكرة، وعبرا معه محطات الدولة الأردنية الحديثة بثقة وثبات.
في صورة نادرة، جمعت هذين البطلين، تتجسد ملامح التضحية، ووجوه القوة، وتاريخ لا يشيخ. هي ليست صورة فحسب، بل هي مرآة لرجال نذروا أنفسهم لوطنهم وملكهم، وارتقوا في مدارج العظمة حتى الخلود.
الختام.. لرجال لا يغيبون
قد ترحل الأجساد، لكن الأرواح العظيمة لا تموت. تبقى ذكراهم نبراساً للأجيال، ومصدر إلهام لكل من يؤمن بأن خدمة الوطن شرف لا يضاهى.
رحم الله محمد ماجد العيطان والعين جمال الشوابكة، وأبقى الوطن عامراً برجاله الأوفياء.