في هذا العالم المزدحم، حيث تتوالى الأيام كأنها لحظات، نجد أنفسنا أحيانًا غارقين في هموم الحياة اليومية. نسعى وراء النجاح، نبحث عن الراحة، ونركض خلف الطموحات. لكن في خضم كل هذا، قد ننسى أو نغفل عن أعظم نعمة وهبها لنا الله وجود الأب والأم في حياتنا.
أهمية الأب والأم في حياتنا:
الأب والأم ليسا فقط من منحونا الحياة، بل هما السند الذي نلجأ إليه في أصعب الأوقات. مهما كانت مشاغل الحياة، ومهما وصلنا إلى مراحل من النجاح أو الفشل، يبقى الأب والأم هما الأساس الذي نعود إليه، الحاضنان اللذان يعلماننا قيمة الحب الحقيقي والتضحية.
إلى أولئك الذين لديهم أب وأم على قيد الحياة:
إليك، أيها الإنسان الذي لا يزال يملك أبًا وأمًا على قيد الحياة، أكتب لك هذه الكلمات. أقول لك: لا تدع الوقت يمر وأنت غافل عنهما. لا تجعل الحياة المليئة بالانشغالات تسرق منك لحظات تقدير وامتنان لهما. لا تدع اللحظات العابرة تظل بلا معنى، فالأب والأم لا يدومان، وهذا الزمن الذي تعيشه معهما هو الهدية الأكبر التي يمكن أن تهبها الحياة.
رسالة الحب والامتنان:
لأبي وأمي، رحيلكما كسر شيئًا في داخلي لم ولن يُصلح. كنت أظن أن الحياة لا تُطاق إلا بوجودكما، وقد صدق ظني. بعدكما صارت الأيام متشابهة، والفرح ناقص، والدنيا خالية من الأمان. كم كنتُ أحتاج نظرتكما، صوتكما، دعاؤكما، تلك التفاصيل الصغيرة التي كانت تُشعرني بأنني بخير، وأنني ما زلت طفلتكما المدللة وإن كبرت.
إلى من لا يزال لديه أب وأم على قيد الحياة، أرجوك... لا تؤجل كلمة "أحبكما"، ولا تنتظر مناسبة لتُظهر امتنانك. لا تغادر البيت دون قبلة على جبين والدتك أو دعاء من والدك. فهناك من يتمنى لحظة واحدة معهم، ليقول لهم ما لم يقله، ليعتذر عن كل انشغال، ويحضنهم وكأنه يعانق عمره كله.
حياة بدون والدين ليست حياة كاملة. لا تتعلّق بالأشياء التي تظن أنها الأهم، فالأهم حقًا قد يكون بجانبك الآن، ولن يدوم إلى الأبد.
لا تتركوا الوقت يمر بدون أن تتركوا بصماتكم في حياتهم:
إذا كان والديك على قيد الحياة، فانتبه إلى كل لحظة تقضيها معهما. استمتع بكل كلمة، بكل ضحكة، بكل لحظة صمت معهما. لا تترك الوقت يمر من دون أن تترك في قلوبهم بصمة تُثبت لهم أنك دائمًا موجود من أجلهم، في أقسى الأوقات وأجملها.
في الختام:
إن كنت اليوم محظوظًا بوجود أبيك وأمك على قيد الحياة، فاحتفظ بهما كما تحتفظ بالجواهر الثمينة. لا تترك أبدًا مجالًا للندم على ما لم تقدمه لهما في حياتهما. اجعل وقتك معهما مليئًا بالحب، والاحترام، والمودة. فإن الرحيل قريب، والأوقات لا تنتظر أحدًا.
لا شيء في الدنيا أغلى من أن تكون لديك أم وأب على قيد الحياة. فاغتنم الفرصة الآن، وقدم لهما ما لم تقدمه في السابق. الوقت ليس في صالحنا، لكن الحب والعاطفة هما الخلود الذي سيظل في قلوبهم.