لقد شكّلت المسيرة المهنية للواء الركن الدكتور معتصم مهدي أبو شتال النعيمات نموذجًا يُحتذى في البذل والعطاء، إذ أمضى ما يزيد عن 39 عامًا في خدمة الوطن عبر صفوف جهاز الأمن العام، متدرجًا في مواقع المسؤولية من تلميذ مرشح ضمن كوكبة فرسان مؤتة الأولى، إلى أن تقلد رتبة لواء ركن، بعد أن ترك بصمة لا تمحى في كل منصب تولاه.
تميّز أبو شتال بقدرة قيادية لافتة، فكان رجل الميدان كما كان رجل الإدارة، جمع بين الانضباط العسكري الصارم والرؤية الاستراتيجية المتقدمة. تقلّد مناصب رفيعة أبرزها مساعد مدير الأمن العام للإدارة والدعم اللوجستي، حيث لعب دورًا محوريًا في رفع كفاءة الجهاز اللوجستي والإداري، وعُرف بدقته في المتابعة وحرصه على الشفافية في الأداء.
كان حضوره قويًا في المشهد الأمني، إذ لم يقتصر على تنفيذ الأوامر، بل كان من صانعي القرار، ومن الذين يسهمون في تحسين الأداء العام وتعزيز روح الانتماء والالتزام بين أفراد الجهاز. لم يعرف التهاون ولا التراخي، وكان يردد دائمًا أن "الولاء للأردن والقيادة لا يقاس بالكلمات بل بالفعل والإنجاز."
لم يكن اللواء معتصم أبو شتال قائدًا فحسب، بل كان أخًا وأبًا ومُلهمًا لزملائه ومرؤوسيه. وقد أجمع كل من خدموا معه على احترامهم لشخصه واعتزازهم بقيادته. كان يتعامل مع الجميع بتواضع القادة الكبار، ويزرع الثقة في نفوس من حوله.
قال عنه أحد زُملائه الجهاز:
"كان سيّدي اللواء مدرسة في الإدارة والانضباط، تعلمنا منه أن القائد الحقيقي هو من يشارك جنوده تعبهم، ويمنحهم الأمان قبل الأوامر. لم يكن يومًا متعالٍ، بل كان دائمًا أول من يصل وآخر من يغادر."
وفي يوم وداعه، امتلأت مواقع التواصل بكلمات الشكر والامتنان من زملائه، الذين وصفوه بأنه "الرجل الذي خدم بصمت، وغادر بشرف".
حياته الأكاديمية والعلمية
إلى جانب تميّزه العسكري، كان اللواء أبو شتال باحثًا ومفكرًا من الطراز الرفيع، حاصلًا على درجة الدكتوراه من جامعة أم درمان الإسلامية في السودان، وقد تناولت أطروحته موضوع "أثر كفاءة نظم دعم القرار في سلامة القرارات"، في دراسة تطبيقية مميزة على قطاع الاتصالات وغيرها في الأردن.
كما حصل على درجة الماجستير من جامعة مؤتة الأردنية في إدارة الموارد البشرية، وكان موضوع رسالته حول "أثر الصحة التنظيمية في تقليل ضغوط العمل على أطباء القطاع العام".
نُشرت له دراسات متعددة في مجلات أكاديمية محكمة، وكان له حضور فكري واضح في ميادين القيادة الاستراتيجية وتطوير الأداء المؤسسي. وقد أضاف بهذه البحوث بعدًا فكريًا وعلميًا لمسيرته، ما جعله من القادة النادرين الذين يجمعون بين القوة العسكرية والعقل البحثي التحليلي.
خاتمة
إن اللواء الركن الدكتور معتصم أبو شتال النعيمات هو نموذج فريد لقائد أردني أصيل، صاغ شخصيته بين قاعات العلم وخنادق الواجب، فأثبت أن القائد الحقيقي لا يُعرف فقط بما يلبس من رتب، بل بما يزرع من أثر، وما يترك من إرث.
سيبقى اسمه محفورًا في سجل الرجولة والإخلاص والولاء، وتبقى ذكراه حيّة في نفوس زملائه ومحبيه، وكل من عرفه قائدًا، أو تعامل معه إنسانًا.