بينما يواصل الأردن جهوده الإنسانية لمساعدة أهالي غزة، عبر المطالبة بوقف الحرب الإجرامية والإبادة الجماعية، وتقديم المساعدات البرية والجوية من خلال إنزالات دقيقة، ظهرت على منصات التواصل الاجتماعي حملة ممنهجة للتشكيك بهذه الجهود. ادّعت هذه الحملة، دون أي دليل أو حتى قصاصة ورقية، أن الأردن يتقاضى مبالغ مالية لقاء عملياته الإغاثية في القطاع.
دعونا نكون واضحين: هذه حملة مغرضة ومدروسة، تحاول تشويه صورة الجهد الأردني، وتستهدف تحديداً دور المملكة التاريخي والراسخ في دعم القضية الفلسطينية. هي حملات مأجورة يقودها من عجزوا عن مجاراة الموقف الأردني الثابت، فاستأجروا "مرتزقة الكيبورد" و"خفافيش الشاشات الوهمية" لإغراق الفضاء الرقمي بادعاءات ساذجة تحت عناوين براقة مثل "تحقيق صحفي" أو "استبيان"، لكن مثل هذه الحملات لا تصمد أمام أول اختبار للحقيقة، إذ أن شركاء الأردن في مساعدة أهلنا في غزة قاموا بنفي مثل هذه الادعاءات وقاموا بتعظيم دور القيادة الاردنية ودور الأردن الريادي والانساني في تقديم المساعدات الانسانية لأهالي غزة.
هذه المزاعم المتهاوية تتجاهل عمداً تاريخ الأردن الطويل في دعم فلسطين، ومواقف جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم في مساندة الأشقاء الفلسطينيين سياسيًا وإنسانيًا وعلى كل المستويات.
أن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي – تنفذ هذه الإنزالات بتنسيق كامل مع منظمات دولية إنسانية، وهي ليست مهام روتينية ولا تدريبية، بل عمليات إنقاذ ومساعدة معقدة تنفذ في أجواء خطرة وضمن مناطق مهددة، وبدون أي مقابل، اذ أن الأردن لا يُحمِّل أحداً كلفة ما يقوم به، بل يتحمّل الجزء الأكبر من أعباء هذه المهام فقط لأنه يرى في غزة جرحًا عربيًا لا يجوز تركه ينزف،وطيّارونا صقور سلاح الجو يواجهون الخطر في السماء كي تصل شحنة طحين أو عبوة حليب لمن فقد كل شيء.
وفي وقت تغيب فيه أيادي كثيرة عن الساحة، يصبح استهداف من يعمل ويخاطر ويمد يد المساعدة أمرًا متوقعًا علمآ ان مثل هذه الحملات المشككة تضر مباشرة بالشعب الفلسطيني عبر نشر البلبلة وإضعاف الثقة بالدعم الحقيقي الذي يصلهم.
منذ بداية الحرب على غزة، أعلنت المملكة التزامها الأخلاقي والقومي تجاه القطاع، وتُرجم ذلك ميدانياً من خلال أكثر من (125) عملية إنزال جوي. ويُعد الأردن اليوم في مقدمة الدول التي نفذت هذا النوع من العمليات الإنسانية الدقيقة، بأرقام واضحة وصور ميدانية لا تحتمل التأويل.
القيادة الأردنية قالتها مراراً وبكل وضوح: "لن نتخلى عن غزة". هذه ليست عبارة إعلامية، بل وعد تُترجمه الأفعال يومياً، في كل علبة دواء، وفي كل وجبة غذاء، وفي كل شحنة مساعدات تحلق في سماء غزة هاشم.
على من يحرّض أو يروّج لمثل هذه المزاعم أن يسأل نفسه: هل هو فعلاً حريص على غزة؟ أم أنه يسعى فقط لتشويه من يمد يده للمساعدة؟ الأردن لا يحتاج لتبرير موقفه، بل يحتاج منّا جميعًا أن نكون أكثر وعيًا تجاه من يستهدف صوت الحق والمواقف الأصيلة.