في صبيحة الثالث من أيار عام 1994، استيقظت أرض الرويشد على خبر لا يشبه سكون الصحراء... سقط الشهيد حمود عوض سالم الغبين بني صخر، ابن البادية، أحد فرسان قوات البادية وحرس الحدود (الأمن العام)، وهو يؤدي واجبه المقدس على ثغور الوطن الشرقية، في منطقة طريبيل على الحدود الأردنية العراقية.
لم يكن حمود مجرد جندي في موقعه، بل كان رمزًا للوفاء للأرض، ابنًا بارًا لعشيرته ولوطنه، سليل الكرامة البدوية التي تعلّم في خيمتها كيف يكون الشرف أثمن من الحياة. حين استُدعي للواجب، لم يتردد، ولم يسأل عن الخطر. حمل سلاحه، ومضى إلى مهمته وكأنها صلاة يؤديها بخشوع.
في لحظة غدر، ومن حيث لا يتوقع الإنسان، امتدت يد الغدر لتخطفه من بين رفاقه، لكنه لم يرحل وحده، فقد ترك وراءه سيرة عطرة، وراية مرفوعة، وذكريات تسكن كل من عرفه. ترك خلفه أبناء الوطن يفتخرون، وزملاءه يروون حكاياته التي أصبحت إرثًا من المجد.
رحل حمود، لكن صدى صوته لا يزال يتردد على الحدود، في نداء الجندي، في وقفة الحارس، في سكون الليل الذي يشهد أن دماء حمود لم تذهب سدى، بل روت أرضًا أحبّها حتى الشهادة.
اليوم، وبعد أكثر من ثلاثة عقود على استشهاده، لا يزال اسمه محفورًا في ذاكرة الوطن، تردده الرياح العابرة على الكثبان، ويردده القلب حين يقف احترامًا لكل من ارتقى دفاعًا عن الأردن.