فجرت تصريحات أدلى بها الدكتور مازن الرحاحلة أخصائي الأنف الأذن والحنجرة، والمختص بالوبائيات، جدلا واسعا، بعد أن كشف أن أنظمة الأكسجين بالمستشفيات سبب وفيات كورونا، ما أعاد إلى الأذهان قضية نقص الأكسجين التي حدثت في شهر آذار (مارس) الماضي في مستشفى السلط وراح ضحيتها عدد من الوفيات.
وزارة الصحة لم ترد حتى كتابة هذا التقرير، على تصريحات الرحاحلة التي أدلى بها في حوار تلفزيوني عبر إحدى الفضائيات المحلية، وطالب خلالها وزارة الصحة وكافة الجهات المعنية بضرورة مراقبة أنظمة ضخ الأكسجين في المستشفيات العامة والخاصة، مؤكداً أن سبب وفيات مرضى كورونا في المستشفيات يعود بالدرجة الأولى لوفاتهم اختناقا من نقص الأكسجين.
وكشف الرحاحلة، أن مشكلة الأكسجين المغذي المثبت بالحائط في غرف العناية الحثيثة وغرف عزل مرضى كورونا تكون نسبته في الجهاز قبل وصوله للبرابيش 96، وعند دخوله البرابيش تبلغ 88 الأمر الذي يؤدي للوفاة بسبب النقص.
ولعل السؤال الذي طرحه الكثير من الأردنيين خلال الفترة الماضية، هل سنشهد أزمة أو قضية تهز المجتمع الأردني من جديد بسبب الأكسجين، وهل الجهات الحكومية والصحية على وجه التحديد متنبهة لملف الأكسجين في المستشفيات ومتابعة له؟.
حقائق مثبتة أم استنتاجات طبية؟
من جهته، قال عضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتور إبراهيم البدور، إن المعلومات الطبية التي تتعلق بأنظمة الأكسجين بالمستشفيات، وأنها السبب في نسبة كبيرة من وفيات كورونا، هي استنتاجات خطيرة للغاية ولا بد من الوقوف عليها وعدم التغاضي عنها.
وأضاف في تصريحات لصحيفة أخبار الأردن الإلكترونية، أن المطلوب من وزارة الصحة أو لجنة الصحة النيابية الاتصال بالطبيب أو طلبه لاجتماع والتأكد من المعلومات التي أدلى بها، وما إن كان لديه أدلة وبراهين تثبت هذا الكلام أو الاستنتاج الذي صدر عنه.
وأشار إلى أنه لا بد من كشف الأمر على العلن وعدم التغاضي عنه سواء كانت استنتاجات الطبيب صحيحة أو يجانبها الصواب، فلا بد من نشر الحقائق عن هذا الأمر وبالسرعة الممكنة حتى لا تتفاعل القضية أكتر من ذلك، كونها تهم شريحة كبيرة من المواطنين خاصة في ظل وصول عدد الوفيات بسبب فايروس كورونا إلى أكثر من 11 ألف وفاة منذ بدء الجائحة.
أنظمة تزويد عالية الدقة
من جهته، طالب رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية الدكتور فريد حداد، بضرورة تقديم المعلومة الطبية الصحيحة والأكيدة في هذه الظروف الدقيقة، والابتعاد عما يثير الرأي العام ويؤجج المجتمع ويزيد من تخوفاته ويفقده الثقة بالقطاع الصحي.
وشدد بالقول، "إننا في لجنة الصحة النيابية مستعدون للاستماع لآراء أصحاب الاختصاص من الأطباء والخبراء فيما يخص صحة المواطنين والمرضى، ونهتم بكافة الحقائق التي يمكن أن تثار عن الإجراءات الصحية في المستشفيات وخاصة في الأقسام التي تتعامل مع مرضى كورونا”، مشيراً إلى أنه "لا بد من البحث حول مصدر المعلومة التي حصل عليها الطبيب التي تحدثت عن أسباب وفيات كورونا بأنها نتيجة نقص أو خلل في تدفق الأكسجين في أجهزة التنفس، وأن تقدم لنا الحقائق والإثباتات على مثل هذه التصريحات حتى نسأل عنها الحكومة ونضعها أمام مسؤولياتها ومحاسبة المقصرين إذا ثبت ذلك”.
وبين لـ”أخبار الأردن”، أن أنظمة التزويد بالأكسجين فائقة التطور، وأن أي نقص قد يحدث في الأكسجين هناك نظام إنذارعالي الحساسية ولا مجال للخطأ إلا إذا كان هناك إهمال من الجهات المشرفة، مشيراً إلى أن كافة المستشفيات سواء حكومية أو خاصة تتمسك بأهمية الحفاظ على الأكسجين وبشكل مستمر ودائم.
أين مصنع الأكسجين؟
وتشير المعلومات التي تابعتها "أخبار الأردن”، إلى أنه ومنذ إعلان وزير الداخلية مازن الفراية عندما كان قائما بأعمال وزير الصحة في منتصف شهر آذار (مارس) الماضي، عن توجه الحكومة لإنشاء مصنع لإنتاج الأكسجين، الا أن المشروع لم ير النور حتى الآن ولم يتم إنجازه على أرض الواقع.
وخلال اتصالات أجرتها "أخبار الاردن” على مدى أيام مع عدد من الجهات الحكومية والصحية للاستفسار عن ملف إنشاء مصنع الأكسجين والذي أعلن عنه في أعقاب حادثة انقطاع الأكسجين بمستشفى السلط، إلا أن الجهات والمؤسسات الرسمية ليس لديها أي معلومات أو تفاصيل عن ملف المصنع.
وكان الوزير الفراية قال في إعلانه عن إنشاء المصنع، إنه سيكون خلال مدة 3 أسابيع قادرا على تزويد 600 أسطوانة من الأكسجين، وفي بداية شهر (نيسان) سيكون قادرا على تزويد 10 أطنان من الأكسجين، على أن يكون في شهر (حزيران) قادرا على تأمين كمية كافية من الأكسجين للبلاد.
ضبط التصريحات الإعلامية
وبالعودة إلى النائب حداد، فقد شدد على ضرورة توحيد الجهود الإعلامية وإعادة ضبط التصريحات الإعلامية خاصة في ملف كورونا، إضافة إلى ضرورة توفير خطاب في هذا الظرف يكون علميا ومرتبطا بقرارات حصيفة متمكنة لا تشتت الرأي العام وتعمل على إقناعهم وتوصل المعلومة الصحيحة والعلمية ولا تشوه الواقع أو الجهود المبذولة وتشكل مرجعية للإعلام الطبي وتجيب عن أي استفسارات.
وأوضح، أن أي قضية تثير الرأي العام بهذا الشكل لا يمكن التطرق لها بسهولة وبدون أي إثباتات علمية مؤكدة، وأن يكون مصدر المعلومة من داخل المستشفيات أو غرف العناية الحثيثة وبغير ذلك هو إثارة وتشتيت للرأي العام.