لا أعلم كيف يمكن لحروف و كلمات المتواضعة وانا لازلت تلميذ في مدرسة الصحافة و الإعلام ان اكتب عن انسان يحمل أجمل الصفات وأحلاها ذلك الطفل الطيب المزاجي المبدع الذي حاول بكل ما يملك ان يجعل الفن رسالة حياة عنوانها الثبات على المبادئ واحترام عقل المشاهد
الفنان الشامل واحد الرواد الكبار في الزمن الذهبي جميل عواد الذي كان يحب الرسم في صغره و درس هندسة الديكور وعمل في التلفزيون الأردني منذ تأسيسه و عاد ليخرج مسرحية الغائب عام ١٩٧٤ وبدأ اولى اعماله الدرامية القرار الصعب عام ١٩٨٥ و بعدها تابع تألقه بالكف و المخرز و كتابة الشريكان و عيال الذيب و العديد من المسرحيات
هذا الارث الفني الذي بدأ منذ اوخر الستينات حتى عام ٢٠٢١ جعل جميل عواد من أهم الفنانين الأردنيين و العرب حيث كان سفيراً حقيقياً لهذا الوطن
غادر جسد جميل عواد اليوم في جنازة مهيبة بكنيسة دخول السيد إلى الهيكل إلى مثواه الأخير في مقبرة سحاب و قامت القنوات الفضائية ببث صلاة الجنازة مشكورين و هذا واجب الإعلام تجاة المبدعين و للأسف مثل كل مره تخرج بعض الفئران من جحورها لتبث اسوء الكلمات و ابشعها من وراء الشاشة من دون أدنى احترام او تقدير للموت او للرجل و تاريخه العريق
هل سأل هؤلاء جميل و غيره من الفنانين عن ديانتهم حينما دخلوا بيوتهم عبر التلفاز او من خلال المسرح انا على يقين ان هؤلاء لا يعرفوا جميل و لا حتى اسم مسلسل واحد شارك فيه او حتى تاريخه الفني و الثقافي الإبداعي
اكتب هذة الكلمات و البعض يقول بنفسه ما زهق و هو يعيد نفس الكلام لا ما زهقت و لن ازهق او يدخل الملل لقلم مادام قلب ينبض بحب الوطن
هناك تقصير حكومي كبير يُفتح الملف فقط حينما يأتي عيد الميلاد المجيد او عيد الفصح او عندما يموت فنان او سياسي معروف تتذكر الحكومة خطاب الكراهيه
ماذا يمنع من ان تُدرس حكايات الاجداد و الآباء و نحن في مئوية الدولة بالمدارس و الجامعات لعل و عسى ان تندثر هذة الأصوات و تختفي الى الابد
هل يعلم الطلبة على مقاعد الدراسة عن قصة الخوري من المعايطة بالكرك او حتى عن مسجد عيسى ابن مريم في مأدبا او عن علاقة و حكايات اهل الفحيص بالجاره العزيزة ماحص حينما يأتي عيد الخضر عليه سلام الله و يفتح اهل ماحص قلوبهم قبل بيوتهم و يستقبلوا الأهالي بعد انتهاء القداس الإلهي و زيارة المقام
بالمناسبة هناك تقصير كنسي كبير تجاه هذا الموضوع واذا فتحنا هذا الملف سيكون هناك العديد من الحوادث و الشواهد التي تدل على ان هذا التقصير مستمر و هذا الصمت لن يؤدي الا للمزيد من التعقيد لا للحل
يجب أن نضع الوطن أولوية و نكون يد واحده تجاة من يريد التدمير و الخراب للاردن حتى لو كان ذلك بالحرف او بالكلمة و الاغلبية الصامتة يجب أن تتحرك و يعلو صوتها من جديد لان هذا الصمت جعل من البعض يعتقد انه على حق
لنستذكر ان الرسول الكريم نزل رحمة للعالمين و ان السيد المسيح جعل المحبة جوهراً أساسياً الديانة المسيحية و ان ما يجمعنا اكثر بكثير مما يفرقنا و بحكمتنا نستطيع ان نبقي هذا الوطن نموذجاً (قول و فعل) بالتأخي و الوئام ليس على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم
واستذكر ما قاله البروفيسور فاروق الباز
تخيلوا لو أننا لا نسمع فيروز لأنها أرثوذكسية !؟
ولا نعترف بنزار قباني كشاعر لأنه شيعي علوي ؟
ونمحو السياب من الذاكرة لأنه سني
ولا نقرأ للماغوط لأنه إسماعيلي
ولأ أدونيس وبدوي الجبل لأنهما علويان
ولا ندرج فارس الخوري في كتب التاريخ لأنه مسيحي
أو سلطان باشا الأطرش لأنه درزي !!
ونتحفظ عن الضحك ونمتنع عن الفرح
لأن دريد لحام شيعي .!!؟
للفنان جميل عواد الرحمة والمغفرة و للفنانة الغالية جولييت الصبر و السلوان و العزاء الحار للأسرة الفنية و الثقافية الاردنية و العربية