ربَّما من أجملِ بركات الله علينا أنْ يكونَ لنا بيوتا دافئة عامرة بالمحبة والإيمان والرجاء، بيوتا نجد فيها الراحة والفرح والسلام عندما نأوي إليها بعد تعب النهار ومشاكل الحياة وتحدياتها.
هذه البيوت قدَّسَها الله وبارَكها وأمطرها ببركاته السماوية وجعل منها مذبحاً مقدساً لعبادة الله والسير بحسب مرضاته، وكأنَّ سرَّ الحياة يجدُ قوته بإختبار دفئ المحبة النقية الصادقة والأمينة والتي يحتاجها الإنسان للوقاف أمام إعسار الحياة ومفاجآتها الكبيرة والتي قد يصعب على المرء تحمُّلَها لوحده. وما أمُّرُ على ذكره هنا ليس بجديد، بل كثيرون يعرفون مغزى هذه الكلمات وعمق معانيها، لأنَّ الحياة الزوجية لا تستقيم إلا في السّراء والضراء، في الغنى والفقر، في المرض والصحة، في النجاح والفشل، في اليسر والعسر. فلا يجد الإنسانُ أقربَ إليه في كلِّ ظروف الحياة أكثر من شريك حياته، لأنّ الحياةَ الزوجية لا تقوم إلا على التضحية وبذل الذات في سبيل إسعاد الآخر وتقاسم أعباء الحياة مما يسهل حملها وإكمال المسير.
وما أجمل المثل القائل، إن كان الرجل هو "الجنّا فإن المرأة هي البنّا"، وكلاهما أساسيان في توفير أُسس البيت السلم والقويم والثابت والراسخ، ويشكل النواة لبناء المجتمع السليم وتربية النشأ الأساسية على القيم والمبادئ ومخافة الله وحبِّ العلم والفن والجمال والأدب والشعر والموسيقى. لذلك نحرص دائماً أن تتشكل بيوتنا على أسس المحبة والوفاء والإخلاص والتضحية، مما ينعكس إيجابياً على قوة المجتمع ومنعته وسلامته من كلِّ الأمراض والأخطار المجتمعية.
فأصعبَ مأسي الحياة عندما يرى الإنسان بيوتاً تتكسر وتتصدع على صخر التحديات الكثيرة، وما أكثرها في أيامنا هذه. لذلك "إن لم يبن الرب البيت فباطلا يتعب البناؤون"، مما يعني أن بيوتنا يجبُ أن تُبنى على أساس المحبة التي زرعها الله في قلوبنا وليس على أساس المصالح التجارية أو الإغراءات المادية أو الأطماع والشهوات التي قد نَميل إليها.
وكلمة حق يجب أن تقال بأنّ الحبَّ الحقيقي ينمو مع تقدم السنين بالعشرة والخبرة المشتركة وتقاسم حلو الحياة ومرّها، مما يمتّن العلاقة بين الأزواج، ولن يوجد ما يفرّق بينهم إلا الموت.