القلوبُ الشاكرةُ هي أكثر القلوب القادرة على التمتع بِنِعَمِ الحياة التي أُغدقَت عليها، هي القلوبُ القادرة أن تُقدّر النعمة التي بين أيديها وترى فيها بركة سماوية تُفرح القلب، وتكون مدعاة لإستثمارها في الإتيان بمزيد من الشكر.
لذلك أكثر القلوب المنتجة هي القلوبُ الشاكرة وليس القلوب الجاحدة، لأنها ترى في عملها صدىً لشكرها لله واستجابةً لِمَا أنعمَ الله به عليها، لذلك لا تَسَعُها الدنيا وهي تقوم بتلك الأعمال التي تكون نتيجتها هي تقديم الشكر لله واعلاء ذلك الشكر وإدامته. وربما هذا ما نحتاجه في حياتنا اليوم أن تكونَ حياتُنا على الدوام بمثاية حياة شكر لله على كل النعم والبركات التي أنعم بها علينا. فعندما يفتح الله يده كما يقول المرنم يُشبعنا خيراً " تفتحُ يدك فَتَشبَعُ خيراً" (مز 28:104).
فثقافة الشكر هي ثقافة تنبع من عمق الإيمان، والشكر هو ما يَطلبه الله منا، فماذا أرد للعلي من أجل كل حسناته؟ أي ماذا ينتظر منّا الله وهو الوهّاب لكل شيء، فهوالذي يقدم بذارا للزارع وخبزا للأكل والمفجّر عيوناً في الأودية والساقي الجبال من علاليه والذي من ثمر أعماله تشبع الأرض. إنه ينتظر أنْ نستقبل كلَّ خيراته وبركاته بحياةٍ تفيضُ بالشكر والإمتنان وتسخير ما أنعم الله به علينا من جود وعطاء وبركات لنخدم بها حاجة الآخرين ونفَّرحَ قلبَهم ونكونَ لهم سنداً في تقدُّم حياتِهم وإعلاء شأنها. لذلك فكل من أسقى إنساناً حتى كأس ماء بارد بقول السيد المسيح فلن يُضيِّع أجره، لأنه بعمله هذا إنَّما يُقّدِّمُ الشكر لله.
فالشكر هو صوتُ جميلِ وجليلِ أعمالنا في استمرار فتح أيدينا للخير الذي يصّبُ في خدمة الآخرين. وهذا هو معنى "عيد الشكر" أن نجدِّدَ عهدَ وفائِنا بالقيام بواجباتنا خير قيام فيتمجد اسم الله تعالى.