المشهد الأفغاني إلى أين... بعد سيطرة طالبان على كل البلاد ...؟.
وهل فشلت الإدارة الأمريكية والغرب في التقييم الاستراتيجي لمرحلة ما بعد الانسحاب ...؟.
* قبل قراءة المشهد الأفغاني والموقف الإقليمي والدولي من أفغانستان لابد من التوقف عند الحقائق والمعطيات التالية:
- مساحة أفغانستان حوالي 653 الف كم٢،وعدد سكانها 39 مليون نسمة بكثافة سكانية لا تتجاوز 34 نسمة في ال كم٢.
- سكان أفغانستان يتوزعون على قوميات وعرقيات مختلفة وموزعة على النحو التالي:
- الافغان. 40%.
- الطاجيك. 37%.
- الهزارة/الشيعة. 9%.
- الاوزبك . 9%.
- مجموعات أخرى. 2.5% .
* تعتبر أفغانستان دولة إسلامية حيث يشكل المسلمون 85% و 90% منهم يتبعون للمذهب السني .
* أفغانستان دولة حبيسة لا يوجد لها مواني بحرية ولا سواحل بحرية ولها حدود برية تصل إلى اكثر من 5 آلاف كم مع 6 دول هي: (الصين من الشرق ، وايران من الغرب، وباكستان من الجنوب ، وطاجكستان واوزبكستان وتركستمان من الشمال )، واطول حدود لها مع باكستان وتصل إلى اكثر من 2567كم .
لماذا أفغانستان كانت محط الأمم والامبراطوريات...؟.
* أفغانستان كانت ولا تزال اهم نقاط وعقد المواصلات الاستراتيجية لطريق الحرير والهجرات البشرية وموطن الكثير من الامم والامبراطوريات منذ قديم الزمن .
* أفغانستان تربط شرق وغرب وجنوب ووسط آسيا، وغنية بالموارد الطبيعية كالنفط والغاز والحديد والنحاس ومحاطة بتضاريس طبيعية وجبلية تقف سدا منيعا ضد المهاجم ، وتساعد في الدفاع عن أفغانستان كما حصل خلال الغزو السوفياتي لافغانستان في ثمانينيات القرن الماضي.
هل هناك دروس يجب تعلمها ودروس يجب عدم تعلمها من اجتياح طالبان والسيطرة على أفغانستان...؟.
- النجاحات أصلا تبنى على الأرقام فلو قارنا 10 المليارات التي انفقتها الإدارة الأمريكية والغرب في أفغانستان مع ما تم إنجازه في أفغانستان فلم يتم القضاء على طالبان ولم يتم تحقيق الحريات والديمقراطية ولم يتم تحرير المرأة...
- السؤال المطروح هو من يتحمل مسؤولية تمدد طالبان في أفغانستان للمرة الثانية..هل فشل الإدارة الأمريكية... ؟ ام دعم بعض دول الجوار لافغانستان من أجل أضعاف الموقف الأمريكي في الإقليم.
- الاستخبارات الأمريكية بكل مكوناتها فشلت عندما قالت للرئيس بايدن ان طالبان ستحتاج إلى 90 يوم لاجتياح كابل ولكن طالبان اجتاحت كابل خلال اقل من اسبوع ....؟. .!.
- الإدارة الأمريكية قالت إنها دربت وسلحت جيش أفغاني وصل تعداده الى 300 الف مقاتل بمليارات الدولارات ، ولكن هذا الجيش لم يصمد امام مقاتلي طالبان الذين لم يتجاوز عددهم ال 75 الف مقاتل فقط .
- الإدارة الأمريكية قررت الانسحاب من أفغانستان بعد 20 عاما من الحرب القاسية دون أن تحقق لا الأمن والاستقرار ولا الديمقراطية ولا حقوق المرأة والانسان ولم تقضي على طالبان والإرهاب والقضاء على طالبان بل ازداد الإرهاب ونفوذ طالبان ...فهل طالبان أصبحت خارج دائرة الاهتمام الأمريكي....؟.
- اعتقد ان اي نجاح عسكري لايتم تحويله إلى انجاز سياسي على الأرض من خلال بناء مؤسسات سياسية واقتصادية تدير البلاد فهو فاشل ، وهذا ما حصل في العراق وافغانستان بعد الغزو الأمريكي لهذه الدول ...!!.
- اعتقدان إيران هي الرابح الأكبر مما حصل في أفغانستان فايران ستتواصل مع المكون الشيعي في أفغانستان الذين يشكلون 9% من السكان الافغان ، وكذلك على تجارة المخدرات والافيون مع أفغانستان.
- كذلك حركة طالبان ستستغل أجندة بايدن التي تركز على مواجهة القوى المنافسة مثل الصين وروسيا بدلا من مواجهة الإرهاب.
- اعتقد ان الجيش الأفغاني المؤلف من اكثر من 300 الف مقاتل يقاتل بدون ارادة ، كما ان معظم قادته وبعض وحداته التحقوا بصفوف طالبان مقابل المال والمناصب...مما جعله ينهار بسرعة امام مقاتلي طالبان الذين يقاتلون بإرادة وخبرة اكبر وأوسع...
- على الجميع أن يدرك ان طالبان 2021 تختلف عن طالبان 2001، كما ان البيئة المحلية والإقليمية والدولية قد تغيرت منذ عام 2001.واعتقد ان روسيا والصين سيدعمان طالبان نكاية ومناكفة بالولايات المتحدة .
- ان المتابع للمشهد الأفغاني يجد ان الإدارة الأمريكية والغرب سحبوا آلاف الجنود والمعدات خلال الاشهر الماضية واليوم تقرر الإدارة إعادة 6 آلاف جندي أمريكي إلى مطار كابل من أجل تأمين وحماية مطار كابل ...فهل هذا تخطيط استراتيجي ام تخبط استراتيجي...؟.
- اعتقد ان هناك مبالغة أمريكية في تضخيم قدرات الجيش الأفغاني وقدرته على حماية أفغانستان والوقوف في وجه طالبان .
- اعتقد ان التخطيط للانسحاب الأمريكي من أفغانستان لم يكن مدروسا ولم ياخذ الوقت الكافي ، مما وضع بايدن في موقف صعب امام الحزب الجمهوري من خلال الانتقادات القاسية للسياسة الخارجية الأمريكية ...حيث يقول الجمهوريون انه يجب سحب الرعايا الامريكيين والبعثة الدبلوماسية الأمريكية قبل سحب القوات الأميركية من أفغانستان.
- اعتقد ان هناك تطور في علاقة الصين مع باكستان الداعم الأكبر لطالبان حيث يوجد للصين نفوذ وتأثير كبير في دول آسيا الوسطى المتاخمة لافغانستان .
- اعتقد ان الصين تطمح ان يكون لها علاقات صداقة مع طالبان مستقبلا حتى لا يكون لحركة طالبان تواصل أو دعم لمسلمين إقليم الايغور الصيني ...
الخلاصة والاستنتاجات .
- مظاهر أجلاء البعثة الدبلوماسية الأمريكية من كابل اشبه بمظاهر سحب البعثة الدبلوماسية الأمريكية من سايغون الفيتنامية قبل 45 عاما وما اشبه اليوم بغد ...وانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان في عام 2021 لا يختلف كثيرا عن انسحاب الولايات المتحدة من فيتنام في نهاية عام 1975....فالتاريخ يعيد نفسه الا لمن لا يقرأ التاريخ.....!!.
- يمكن القول ان لفشل الأمريكي في أفغانستان يعود إلى الأسباب التالية :
* بناء الجيش الأفغاني بنظام غربي وهذا لا يتناسب مع البيئة الأفغانية.
* الفساد المستشري في مفاصل الدولة والجيش الأفغاني.
* انخفاض الروح المعنوية لدى أفراد الجيش الأفغاني.
* خلاصة القول لا الأموال ولا التكنولوجيا تبني جيشا بدون ارادة وقيم ومباديء ....