إلى متى سنظل نعيش تحت رعب وكابوس المؤامرة ضد الأردن بين الحين والآخر وتظل هناك سهام وسيوف مسلطة على هذا الوطن وشعبه تهدده بالاسوأ، ما طرحه البعض من تطبيق مصطلح ما يسمى «غلاسنوست» وأنه هو المفتاح السحري لحل كل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ولكن في الواقع هو لا يعدو أن يكون «القشة الأخيرة التي ستقصم ظهر البعير» وتؤدي، لا سمح الله، الى تفكك الوطن المقدس الذي طالما عانى من المؤامرات والمكائد التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن من معاناة وتدهور..
غلاسنوست هي سياسة الانفتاح والشفافية في أنشطة جميع المؤسسات الحكومية في الاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى حرية الحصول على المعلومات وأطلقت هذه الدعوة بواسطة الرئيس السوفيتي السابق ميخائيل غورباتشوف في النصف الثاني من الثمانينيات. كان أول استخدام لهذه الكلمة «غلاسنوست» في الاتحاد السوفياتي في نهاية عام 1950 وتعني باللغة العربية الشفافية، كان غورباتشوف يستخدم هذه الكلمة لتحديد السياسات التي يعتقد انها قد تساعد على التخفيف من الفساد في الطبقات العليا بالحزب الشيوعي والحكومة السوفياتية، وتخفيف التعسف في استخدام السلطة الإدارية في اللجنة المركزية السوفيتية ونشطاء حقوق الإنسان السوفيتيين أوضحوا «ان كلمة غلاسنوست كانت موجودة في الاستخدام منذ عدة قرون، وكان من الطبيعي إعطاء العملية كلمة لا توصف لانها عملية تقوم بها الحكومة علنا». وكانت غلاسنوست ترمز إلى فترة بالاتحاد السوفيتي كان فيها أقل قدر من الرقابة.
ميخائيل غورباتشوف، آخر رئيس سوفيتي، دخل التاريخ حين أطلق إشارة البدء لتفكيك الاتحاد السوفيتي مطلقآ العنان لحرية التعبير وللصحافة، التي انقلبت في الاتحاد السوفيتي السابق، بين عشية وضحاها، إلى ألف رأي ورأي، ووجهت سهامها لغورباتشوف في المقام الأول، مستفيدة من شعار جذاب أطلقه الزعيم السوفيتي، مع وصوله إلى قيادة الدولة والحزب الشيوعي» غلاسنوست» أي المكاشفة والشفافية، وهاجمت الصحف مشروع «بيريسترويكا» أي إعادة البناء، مطالبة بالمزيد وصولا إلى إلغاء وحظر الحزب الشيوعي الحاكم.
ودخل مصطلح بيريسترويكا الأدبيات السياسية العالمية على أنه علامة فارقة لحقبة الزعيم السوفيتي، الذي سقط بفعل، بيريسترويكا وغلاسنوست!. فقد اتضح أن إصلاح النظام السوفيتي المتهالك، لا يمكن إلا أن يقود الى الانهيار والتفكك.
وخلافا لإصلاحات الصين التي حافظت على الدور القيادي للحزب الشيوعي في بلاد المليار والنصف المليار نسمة، تكسرت نصال الحزب الشيوعي السوفيتي، مع أول معركة مع القوى الليبرالية المطالبة بالتغيير الجذري.
وكشفت الحرية التي أجاز مرورها غورباتشوف في كل زاوية من زوايا الدولة السوفيتية مترامية الأطرف، عن نزاعات قومية وعرقية، أفضت في غضون بضع سنوات الى تفكك الاتحاد السوفيتي، إنها تجربة فاشلة في روسيا فكيف نطبقها في الأردن.
بالمختصر «الغلاسنوست» هو من فكك الاتحاد السوفياتي، الإصلاح لن يتحقق بالغلاسنوست ولا بمصطلحات أخرى ثبت فشلها في دول عظمى بل يكون بمحاسبة ومحاكمة الفاسدين وزجهم في السجون وإعادة مبدأ من اين لك هذا؟؟. والقيام بإصلاحات في الهيكل الحكومي والتنظيمي والقضاء على فيروسات الفساد التي نهبت خيرات هذا الوطن واوصلته إلى ما هو عليه.
دعونا من هذه الفلسفات البالية المستهلكة ولا تجعلوا الأردن حقلآ للتجارب التي ثبت فشلها وكانت عواقبها وخيمة جدا. هناك أكثر من طريقة وفكرة أثبتت نجاحها في الإصلاح الاقتصادي مثل الطريقة الكورية والماليزية وغيرها، فلماذا نلجأ إلى الطريقة الروسية التي كانت سبب تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي. لماذا هذا التخبط غير المسوغ ولا المنطقي.
فإلى أين يسير البعض وهم يعلمون جيدا أن تطبيق مثل هذه التجربة الفاشلة في الاردن ستؤدي إلى تفككه وانهياره وهذا ما لن نسمح به وسوف نتصدى بكل حزم.