خرج من رحم التاريخ البشري الكثير من الكوارث والأوبئة والحروب التي أفرزت تغييرات كثيرة فيما بعد، بعض منها كان مخٌطط له مسبقًا، والبعض كان عن دون قصد، ربما نتيجة تطور الرد الفعل البشرى فتباينت الظروف وتباينت النتائج أيضًا.
ففي العصور القديمة كان المعتاد أن إفريقيا ودول العالم النامي هي المصدر الأول للأمراض والأوبئة مثل ما حدث في وباء الطاعون أو الموت الأسود كما أطلقوا عليه، ربما كان ذلك سببًا غير مباشرًا في استعمار تلك القارة واستنفاذ ثرواتها وعزلها سياسيًا والنظر لها دائمًا أنها خطرًا على العالم الغربي وعندما اجتاحت الهجرة الغير نظامية العالم، بدأت القارة العجوز والمجتمع الدولي بسط قسمات وجهاهم أمام هذه القارة.
أمّا في جائحة كورونا، فالوضع مختلف كليًا مما ينبئ بنتائج مختلفة على الصعيد العالمي،وأخطار جديدة على الصعيد الداخلي.
ففي الأزمة الراهنة ضرب زلزال كورونا العالم المتقدم بهزة لم يستطع مقياس ريختر أن يقيمها، اقتصاديا وسياسيا وصحيا، مما سينعكس ذلك في ظل ليس جديد من نوعه واتجاه كان قد بدأ بالفعل ولكن بوتيرة بطيئة وهو الاهتمام بالقارة الإفريقية والتكالب على مواردها، ولكن بالطبع- سيسرع بذلك الإيقاع الدول التي استطاعت التعافي اقتصاديًا أسرع من غيرها لتستحوذ على موارد القارة قبل غيرها.
أما على الصعيد المحلى فالظلال كثيرة جدًا، فأمنيًا ما أسنح تلك الفرصة للخصم أن يبدأ التسلل إلى الدولة من خلال أطرافها، وهذا هو ما تنبهت له مصر جيدًا منذ بداية الأزمة الفيروسية، وحمت الحدود الغربية مع ليبيا التي استغلت المليشيات بها انشغال الجميع واستطاعت السيطرة على بعض البلدان منها، لم تكتف مصر فقط بحماية الحدود الغربية والشرقية بل تستكمل الدولة بكل إصرار وتحدٍ المشاريع والتنمية في سيناء، فالتنمية في سيناء هي البناية التي تملأ الفراغ والهاوية التي تتركها عمليات تطهير الإرهاب، قاضية على ظل التفكيك الذي يحاول أن يلقى به الخصم.
أعلن الرئيس مؤخرًا عن بناء مشروعات إسكان اجتماعي جديدة وذلك لا لحل أزمة سكنية قدر ما هو خلق لفرص عمل جديدة تستوعب البطالة الناتجة عن الأزمة الفيروسية والعمالة الغير منتظمة محاولة للقضاء على ظل الفوضى والضرر الاقتصادي.
أما عن الظل الاجتماعي الذي بات جليًا ونراه كل يوم، هو بعض الدعوات الممنهجة التي تظهر على السوشيال ميديا تعصف بالقيم المجتمعية والأخلاق الحميدة،وذلك سلاح أيضًا ، فما أسنح الفرصة للخصم أن ينخر السوس في النفس البشرية وهى في أضعف حالاتها اثر الخوف والتخبط ، فهناك ثمّة علاقة وطيدة بين أي حالة الحرب التي تعيشها الدولة وبين حالة الانحلال التي يحاول أن يخلقها الخصم الخفي ولكن تقابلها الدولة المصرية وتتصدى لها بكل كفاءة.
أما عن ظل التشكيك وإحباط الروح المعنوية من إعلام الشر فحدث ولاحرج، فهو في حالة نشطة أكثر من الفيروس ذاته ولكن الأمل في غروب كورونا عن وجه الكرة الأرضية في ليلة واحدة أقرب لنا من أملهم في هز دولة رصينة مثل مصر