بقلم : اللواء المتقاعد الدكتور رضا البطوش مدير الاستخبارات العسكرية سابقا نائب سمو الأمير علي رئيس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات سابقا مساعد رئيس الجامعة الأردنية للشؤون التخطيط والتطوير سابفا عود على ذي بدء !!! الأكاديمية الملكية للدراسات الحكومية كنت قد طرحت في مقال سابق فكرة الأكاديمية الملكية للدراسات الحكومية، وهي رؤية أجزم بأنها ستنهض بالإدارة العامة في الدولة الأردنية وأداة تسهم في تطوير كافة مؤسسات الدولة العامة والخاصة، وقد جاءت هذه الرؤية من وحي تجربتنا في المؤسسة الأعز "المؤسسة العسكرية" والتي تعنى وبشكل متفرّد ولها السبق بين مؤسسات الدولة في تأهيل مواردها البشرية ضمن مسارين "اكاديمي وتأهيلي" في الداخل والخارج، وتأتي هذه الرؤية انسجاماً مع الجهود الإصلاحية التي يقودها صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، حفظه الله، وصولاً إلى قدرات تكيّف إستراتجي يكون محورها الأساس الموارد البشرية في الدولة الأردنيةً، حيث أصبح من الأهمية بمكان إجراء مراجعة شاملة لتطوير القطاع العام ضمن منهج شمولي قادر على تأهيل وفرز قيادات كفؤة في مؤسسات الدولة وعلى مختلف المستويات، وأن يستند هذا المنهج إلى نظام تقييم صارم للموظف العام، يتصل مباشرة بأنظمة التوظيف والتأهيل والتقييم والترفيع وإنهاء الخدمة وأن يخدم أغراضها، وعليه فإن الضرورة الوطنية تتطلب إنشاء صرح وطني علمي ريادي، يؤسس للإستثمار الأمثل في الموارد البشرية على المستوى الوطني وتحــت مسمى الأكاديمية الملكية للدراسات الحكوميــــــة، بحيث تتبع هذه الأكاديمية لجامعة البلقاء التطبيقية نظراً لوجود أفرع لها في محافظات المملكة وهي ميزة لا تتوفر في الجامعات الحكومية الأخرى إضافة إلى نهجها التطبيقي في التعليم، الأمر الذي يخدم اهداف هذا التوجه، على ان تتمتع هذه الأكاديمية بقدرات أكاديمية ومهنية متميزة لصالح هذه الضرورة وبما ينعكس إيجاباً على أمننا الوطني. الأهمية والمبررات تبرز الأهمية والمبررات من إنشاء هذا الصرح العلمي الريادي من خلال النقاط التالية: العمل كأداة إصلاحية تختص بالإصلاح الإداري كمحور مؤثر في محاور الإصلاح الأخرى (السياسية والإقتصادية والإجتماعية)، وإنفاذ البرامج وخطط التطوير الإداري التي تبنتها الدولة في الأجندة الوطنية والتي تدعو إلى الإصلاح الإداري وإعادة الهيكلة في كافة أجهزتها ومؤسساتها وصولاً إلى مفهوم الحكومة الذكية، وترسيخ مفاهيم الحوكمة التي تتطلب ضرورة إعداد الكوادر البشرية لمثل هذه التوجهات. تطوير الأداء في القطاع العام متطلب حيوي لتحسين البيئة الاستثمارية الأردنية من خلال إيجاد كوادر وسياسات وإجراءات عمل ملائمة من حيث تهيئة موظفي القطاع العام للتعامل مع مناخ الإستثمار الحر وإعادة النظر بالقوانين الناظمة للبيئة الإستثمارية الوطنية على إطلاقها وإعادة صياغة التفكير الإستثماري الرسمي بما يضمن إنجاح هذا الإجراء.
بعث الحياة المتجددة في المؤسسات العامة وتعزيز المشاركة والتنافس على الإنجاز وزيادة مستوى الرضا الوظيفي والإنتماء المؤسسي والإحساس بالمسؤولية المجتمعيّة والوطنيّة، وتخليص المجتمع من الأمراض المجتمعيّة الضّارة وفي مقدمتها الواسطة والمحسوبية ليحل مكانها تدريجياً الإيمان بمبادئ الإدارة الرشيدة.
تطوير البرامج التدريبية المتخصصة لتأهيل القيادات الإدارية في القطاع العام بمتطلبات العمل العام، إضافة إلى تقييم هذه البرامج وقياس اثرها على أداء الموظف العام.
الوسائل والآليات إنشاء أكاديمية متخصصة بتطوير القدرات القيادية والإدارية للعاملين في القطاع العام ويستفيد منها القطاع الخاص، تعنى بمستويات القيادات الإدارية الثلاث: الإدارة العليا "الإدارة الإستراتيجية"، والإدارة الوسطى "الإدارة التنفيذية"، والإدارة الدنيا "الإدارة التشغيلية".
تقديم التدريب المستمر التأسيسي والمتوسط والمتقدم في المجال التخصصي والعام للمستويات القيادية الثلاث في المؤسسات العامة ويستفيد منها القطاع الخاص من خلال طرح الدورات في مجالات التأهيل العام والتخصصي، بحيث يكون من أنجز المراحل جميعها من تدريب وتعليم مرشحاً منافساً على المواقع القيادية العليا في الجهاز المدني الأردني وخصوصاً منصب الأمين العام والمدير العام أو من في سويتهم حسب القوانين والأنظمة النافذة. تركّز برامج التدريب والتأهيل المهني المتقدم الهادف على تطوير المهارات القيادية والإدارية والإشرافية والمهارات الذاتية وتطوير أدوات وأساليب الإدارة الفعالة بشكل متدرج يبدأ من التدريب المبتدئ أو التأسيسي للموظفين الجدد انتقالاً إلى التدريب المتوسط للمستهدفين في شغل وظائف الإدارة الوسطى ثم التدريب المتقدم للمستهدفين لشغل وظائف في الإدارة العليا. طرح برامج أكاديمية في الدرجة الجامعية الأولى والدراسات العليا "الماجستير والدكتوراة" تركز في موادها على إدارة المنظمات الحكومية ورسم السياسات العامة والمالية العامة وتطوير الإستراتيجيات وترسيخ مفاهيم الأمن الوطني من حيث الإستراتيجيات والسياسات وإدارة الأزمات والتوظيف الأمثل لعناصر القوة في الدولة على المستوى الوطني وتوظيف تكنولوجيا المعلومات في إدارة الدولة، ومفاهيم الإتصال والتعاون والتنسيق التي تسهم في دمج جهود مؤسسات الدولة لتحقيق الأهداف الوطنية، وتحسين قدرات المؤسسات العامة في مجالات التخطيط والتوجيه واتخاذ القرارات، وتطبيق مفاهيم الحوكمة وممارسات الإدارة الرشيدة بما يضمن تحسين جودة الخدمات الحكومية ومستوى رضا المواطن "متلقي الخدمة" عنها. ولتوفير سبل النجاح لهذا المقترح فلا بد من إجراء التعديلات والتغييرات الضرورية على التشريعات والسياسات الإدارية وسياسات الموارد البشرية لتصبح متلائمة مع رؤية وأهداف الدولة في هذا الإتجاه وبما يعزز من فرص النجاح لهذه الأكاديمية ومن خلال نهج متدرج في التغيير الأمر الذي سيجعل: اجتياز المسار التدريبي والبرنامج الأكاديمي متطلباً قانونياً إلزامياً لمن يريد أن يقدّم نفسه منافساً على مناصب الإدارة العليا في القطاع العام. قرار الإختيار والتعيين مستنداً إلى معايير محددة وواضحة وقابلة للقياس بحيث تكون الفرصة الأكبر لمن يحمل "مؤشر الكفاءة" التراكمي الأفضل الذي يستند إلى معايير الكفاءة القيادية والإدارية والتحصيل التدريبي والأكاديمي، ولمن تتوفر فيه الشروط المهنيّة والشخصيّة التي تتطلبها الوظيفة العليا.