تقوم الجيوش العسكرية والمؤسسات الامنية بحماية امن الوطن وسلامة أراضيه وتنفق الدول عادة نفقات كبيرة من اجل جهوزيتهم وتدريبهم، وكما تهتم اهتماما خاصا برعايتهم والمحافظة الدائمة على أهليتهم الميدانية، كون ذلك يعتبر احد الركائز السيادية التي تحفظ للوطن وجوده وقوامه، دوره ورسالته، حيث تعد هذه الجيوش والمؤسسات للتعامل والتعاطي
مع عدو معلوم او حالة ظاهرة، وتقوم استراتيجية عملها بناءا على معطيات سابقة كان قد خاضها هي او غيرها، وان اشتبكت فإنها تشتبك ضمن احداثيات مقروءة او مستنبطة كانت قد خاضتها مسبقا ضمن دورات الإعداد والتدريب او في ميادين المناورات العسكرية، لذا فانها تمتلك الادوات التي تجعلها قادرة على تحقيق الانجاز والانتصار.
أما في مسالة الحرب مع كورونا، فان طبيعة معركتها مغايرة عن ساحة المعارك النمطية والعسكرية نظرا لاختلاف مساحات الاشتباك وكيفية الاشتباك واليات الاشتباك وكيفية تعاطيها مع المشهد العام والمناخ المحيط وبالتالي فان استراتيجية عملها تندرج في الإطار الوقائي بدلا من الردعي، ومن العلاجي بدلا من الميداني، من المدني بدلا من العسكري، ومن الاحترازي بدلا من الانضباطي، ومن الاستقصائي بدلا من الاستخباري.
فيما تقوم سياساتها على بناء السدود المانعة لاغلاق أجواء الاختراق الوبائي وسياسية الردم المستندة على الاغماد والتخفيف ومن ثم الردم الطويل ثمن الردم المانع، هذا اضافة الى التمشيط الوقائي والتتبع الاستكشافي، وهي استراتيجية عمل عميقة كونها تتعامل مع عدو خفي يصعب التنبؤ بميزان حركته وقوة والية انتشاره، ولكونها المرة الأولى التي يتم التعامل مع هكذا عدو متربص تفوق سرعة انتشاره سرعة الصوت، فان التعاطي مع ذلك يجب ان يكون بحزم بالغ تجاه عملية تجفيف منابع وجوده او مكامن حمله، من هنا قد تأتي صعوبة التعاطي الوقائي التي بحاجة الى استجابة شعبية وتكمن صعوبة العمل العلاجي التي بحاجة الى استطبابات تقنية ومطاعيم وقائية.
ونظرا لعدم اكتشاف العلاجات الناجعة والمطاعيم المانعة فان مسرح الاشتباك سيكون الميدان الوقائي وعنوان النجاح سيشكله مقدار الاستجابة الشعبية، فكلما كان الالتزام اكثر انضباطية حملت نتائج اكثر اهمية، وهذا بحاجة الى تقنية استخدام المحاكاة المركزية لدواعي الارشاد، وتقنية التتبع الرقمي او التقني عند الحركة، اضافة الى قوانين رادعة تضبط المناخات السائدة، على ان يكون مقرونا ذلك ضمن جدول زمني معلوم، بهدف الوصول الى حالة التنظيف الآمن
(clean and clear) والانتقال بعدها الى دائرة المخالطة المناعية المحدودة التي تتم عبرها احداث المناعة الجزئية ضمن ضوابط مغلقة تنسجم مع حجم ومقدار الجهوزية المطلوبة.
ولان هذه الاستراتيجية بحاجة الى ترسيم وتاطير عمل استراتيحي فان الفرص مواتية لتشكيل الجيش الابيض وتعميد تشكيله، فان انتصر اردنيا وهو ان شاء الله على مشارف تحقيق الانتصار، فإن دوره الانساني والقيمي ومنطلقاتنا المبدئية الاردنية تحتم علينا مساعدة الغير للقضاء على هذا الوباء، فدعونا نسجل من كل منعطف منطلقا قويما للاردن والانسانية جمعاء ونسجل بكتب التاريخ كيف انتصر الاردن على الوباء الفتاك، في ظل قائد الجيش الابيض جلالة الملك المفدى، حمى الله الاردن والانسانية من كل مكروه.