تأتي هذه المقالة لتعبر عن وجهة نظر تحتمل بقدر ما تحتمله من الصواب الكثير من مجانبته ، فان لم اصب فأنني أوجه شديد الاعتذار عما سيرد فيها.
رسميا ودستوريا ولنمو الحياة السياسية في المملكة الأردنية الهاشمية وغيرها من البلدان التي تعتبر نفسها بلدان ديمقراطية لا بد من وجود البرلمانات تنطوي على انتخاب ممثلين للشعب للنيابة عنهم في تنظيم العملية التشريعية من ناحية ومن ناحية أخرى لمراقبة أداء الجهاز التنفيذي والإجراءات التي يتم اتخاذها فيما يتعلق بانتظام النظام العام في جميع نواحيه ، وهذا هو الدور المأمول دستوريا وشعبيا من انتخاب المجالس النيابية وعلى مدار السنوات التي مرت بها المملكة منذ عودة الحياة البرلمانية إليها في عام 1989م ولغاية اليوم .
والحقيقة أن المجالس النيابية المتعاقبة قد أدت دورا كبيرا فيما يتعلق بالنواحي التشريعية .
أما من حيث الشق الأخر من الدور المنوط بها والمأمول منها والمتمثل بمراقبة أداء الجهاز التنفيذي المتمثل بالسلطة التنفيذية فلم تفلح به على الإطلاق، ولكون كرة الثلج كلما تدحرجت كلما كبر حجمها فقد أصبحت مراقبة تلك المجالس لأداء الحكومات بمثابة عرقلة لعمل الحكومات المتعاقبة ، ولا يعزى ذلك إلى خلل في الدور بحد ذاته وإنما إلى طريقة التعاطي مع تنفيذه ، لقد تحولت العلاقة بين الحكومات والمجالس النيابية تنطوي على نواحي مصلحيه بحتة في اغلب محطاتها ، مما أدى إلى تعطيل في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل اكبر من تيسير تلك النواحي ، ذلك لم يتأتى من عدم المقدرة في تحليل العلاقة المأمولة وآلية استغلالها نحو النمو والتطوير، ولكن يعزى إلى سوء فهم طرفي العلاقة لذلك التحليل وبالتالي اختيار وسائل مغلوطة للتنفيذ.
ومن خلال سوء الفهم المنوه عنه أصبحت الحكومات تحاول كسب بعض النواب طلبا للرضا عن الأداء بغض النظر عن نتائجه ، وقد تجلى الاسترضاء من خلال أعطيات وتحقيق مكاسب ورغبات والتغاضي عن العديد من الاختلالات ...الخ.
ومن طرف المجالس النيابية ذاتها فقد فهمت العلاقة بقدر ما قد يتحقق ويحصل علية النائب من مغانم ومكتسبات مستخدما وسائل الضغط على المواقع المرعوبة في الجهاز التنفيذي سواء بسحب الثقة أو حجبها أو تعطيل مشروعات القوانين أو هجوم وعنف على شخصيات حكومية تحت حماية حصانة دستورية منحت للنائب ليتمتع بمساحة من الحرية تساعده على القيام بالدور المأمول من دستوريا،
من خلال تلك التجاذبات والتنافرات الباحثة عن السلطة والحملات الانتخابية والمصالح فقد تراجعت العملية السياسية مما انعكس معه على كافة نواحي حياة المواطن وأدي إلى ظهور إدارات مرعوبة وتأخر في اتخاذ القار السليم والجرئ للمضي قدما إلى الأمام.
ما يدلل على أن وجود برلمانات بهذه الآلية والعقلية والقدرات على فهم كيفية القيام بدورها المأمول ليس موجودا لغاية الآن في بلدنا الأردن ما قامت به الحكومة اليوم في ظل غياب غير رسمي لمجلس النواب وما تمتعت به الحكومة من حرية كاملة في اتخاذ القرارات وخصوصا في خضم ما يتعرض له الوطن من هجمة شرسة من فيرس كورونا وقد أبدعت في ذلك، لا بل فاقت في ذلك دولا وحكومات في عوالم متقدمة كنا يوما نتطلع إليها وما وصلت الية بعين الدهشة والإعجاب،.
ها هي الأردن وفي ظل عدم التدخل والمضايقات من أشخاص قد انتخبناهم في لحظة غفلة من اجل تعظيم ثرواتهم وتسيير مصالحهم قد أبدعت وأصبح يشار إليها بالبنان ومن إعلام الدول المتقدمة . وقد ضاقت فجوة انعدام الثقة بين المواطن والحكومة ، وما زالت تفاجئنا كل يوم بكل جديد ومبتكر لتطوير الحياة والرفاه والحماية للمواطن .
حمى الله الأردن وسدد على طريق الخير خطى سيد البلاد وأطال الله في عمره .