في زيارة ملهمة إلى محافظة الطفيلة، حمل ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني رسالة ذات وزن تاريخي، رسالة لا تخاطب منطقة بعينها بل تخاطب روح الأردن كله. وفي لقائه ، أكد سموه ضرورة أن يبدأ كل أردني بالعمل على توثيق سرديتنا الأردنية، وإعادة رواية قصة الأردن وقصة الأجداد، لأنها ليست مجرد صفحات من الماضي، بل إرثٌ يتشكل به الحاضر، ويستديم به المستقبل.
السردية الأردنية ليست نصًا تاريخيًا نقرأه في كتاب؛
هي روح، وهوية، وعنوان انتماء.
هي الحكاية التي صنعها الأردنيون بصبرهم، بصلابتهم، وبشموخ الجبال التي وقفوا عليها.
هي قصة الثورة العربية الكبرى، وتاريخ الإمارة، ومسيرة بناء الدولة، وحكايات الشهداء والجنود والمعلّمين والأمهات…
هي خيط واحد يجمعنا نحن أبناء هذا الوطن مهما اختلفت أماكننا وأدوارنا.
إن دعوة ولي العهد اليوم ليست دعوة للتأمل فقط، بل دعوة للعمل.
دعوة لنعيد وصل الأجيال التي انفصلت عن تاريخها بفعل الزمن والحداثة السريعة.
دعوة لنعلّم أبناءنا أن الأردن لم يُبنَ بالصدفة، ولم ينشأ بلا تضحيات بل تشكّل من رجال ونساء آمنوا أن هذا الوطن يستحق أن يعيش ويستحق أن يُروى.
إنّ الحفاظ على سرديتنا الأردنية ليس مهمة مؤرخين فقط، بل مسؤولية مجتمع كامل
المعلم في صفه،
الشاب في منصته الرقمية،
المدرب في قاعة التدريب،
والأم التي تروي لأبنائها قصص أجدادنا
وإذا كان الأجداد قد كتبوا الفصل الأول من الحكاية،
فإنّ جيلنا مطالب اليوم بكتابة الفصول القادمة—بوضوح، بوعي، وبصوت أحبّ الأرض التي تحت قدميه.
إن رسالة سمو ولي العهد جاءت في وقت يحتاج فيه الأردن إلى من يذكّره بنعمته الكبرى:
هويتنا التي لا تتبدل، وأرضنا التي لا تُكسر، وحكايتنا التي لا تنطفئ.