في واحدة من أكثر القصص الإنسانية إلهاماً في عالم الأدب، يروي التاريخ حكاية الكاتب الفرنسي جان دومينيك بوبي، الذي أصيب بجلطة دماغية أفقدته القدرة على الكلام والحركة بشكل كامل، ولم يبقَ له من جسده سوى جفن عينه اليسرى يتحرك استجابةً للحياة.
ورغم هذا العجز التام، لم يستسلم بوبي لواقعه القاسي، بل قرر أن يكتب كتاباً كاملاً مستخدماً وسيلته الوحيدة للتواصل — رمش عينه.
فكل يوم كانت مساعدته تجلس إلى جانبه وتقرأ له الحروف الأبجدية الفرنسية، حرفاً تلو الآخر، حتى يصل إلى الحرف الذي يريده، فيرمش بجفنه إيذاناً بتثبيته. ومن خلال هذا النظام البطيء والمؤلم، كتب بوبي كتاباً من 130 صفحة بعنوان "الغطّاس والفراشة”، جسّد فيه مشاعره وتجربته العميقة بين الألم والأمل.
استمر بوبي في العمل على كتابه لمدة ثلاثة أشهر متواصلة، بمعدل ثلاث ساعات يومياً، حتى أنهى رحلته الإبداعية التي أصبحت رمزاً للإصرار الإنساني وقدرة الروح على تجاوز حدود الجسد.
وما يزيد قصته تأثيراً، أن الكاتب توفي بعد يومين فقط من نشر كتابه، تاركاً خلفه عملاً خالداً يُدرَّس اليوم في الجامعات ويُعدّ من أعظم الكتب التي كُتبت في ظروف قاسية، ليبقى شاهداً على أن الإرادة لا تعرف المستحيل.