الدكتور محمد عبدالحفيظ درويش المناصير "أبا أسامة"، واحد من رجالات الأردن الذين جمعوا بين العلم والعمل، وبين التاريخ والإعلام، وبين الحضور الاجتماعي والوطني. ولد في قرية البحاث بلواء وادي السير في السابع من آذار عام 1953، ونشأ في كنف والده المرحوم الوجيه والمجاهد عبدالحفيظ الدرويش المناصير، ذلك الرجل الذي شارك في الجهاد بفلسطين وخلد اسمه في سجل الأبطال.
نشأ الدكتور محمد على حب الوطن والإيمان بقيمة العلم، فتدرج في مراحله الدراسية حتى التحق بالجامعة الأردنية حيث نال درجة البكالوريوس في التاريخ عام 1977، ثم واصل دراسته العليا فيها فنال الماجستير عام 1992 برسالة حملت عنوان "كتاب الخراج للقاضي أبي يوسف"، ثم حصل على درجة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي من جامعة النيلين في الخرطوم عام 1998، وكانت أطروحته حول الجيش في العصر العباسي الأول، ليؤكد بذلك شغفه العميق بالبحث في جذور التاريخ وأحداثه.
عمل في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية حتى بلغ مرتبة مستشار، ثم التحق بجامعة الشرق الأوسط محاضراً وأستاذاً مساعداً، وأشرف على استوديو الإعلام ومركز التدريب الإعلامي، وشارك في العديد من الجامعات الرسمية والخاصة محاضراً ومدرباً وباحثاً. كما عمل موظفاً إعلامياً في الديوان الملكي الهاشمي، بمكتب صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، مقدماً خبرته الإعلامية في خدمة الوطن ومؤسساته العليا، ومكتسباً تجربة مميزة في ميدان العمل الرسمي الرفيع.
وعلى امتداد مسيرته ظل مؤرخاً وكاتباً وإعلامياً يعنى بقضايا الناس، ويهتم بتاريخ وطنه، ويوثق سيرة رجالاته، فكان صوته حاضراً في قاعات المحاضرات كما كان قلمه حاضراً في ميادين التوثيق والكتابة.
لم يكن الدكتور محمد عبدالحفيظ مجرد أكاديمي أو إعلامي، بل هو رجل اجتماعي بامتياز، حاضر في جميع مناسبات عشيرته المناصير وأصدقائه ومعارفه، يشاركهم أفراحهم وأتراحهم، يجبر الخواطر، ويبارك للخريجين، ويشجع كل إنجاز فردي أو جماعي. وقد عرف بوفائه لأبناء مدينته مرج الحمام والمناصير عامة، فظل يتابع قضاياها وشؤونها، وينوه بالإنجازات ويشير إلى التقصير، مطالباً بالخدمات، حاملاً هموم أهلها أينما حل.
أبو أسامة، يدير صفحة واسعة الانتشار والمتابعة على الفيسبوك، تحولت إلى مكتبة وطنية نابضة، تضم بين جنباتها تاريخ الدولة الأردنية منذ تأسيسها وسير رجالاتها من عسكريين ومدنيين، وتوثق لحظة بلحظة نجاحات أبناء قبيلة عباد والمناصير، من تفوق طلاب الثانوية العامة إلى نيل الدرجات العليا، فيبارك لهم ويشجعهم ويخلد أسمائهم على جدار ذاكرة العشيرة والوطن. ولا يترك صغيرة ولا كبيرة في حياة المناصير إلا وأشار إليها وسجلها، جامعاً بذلك ما تفرق من الأخبار في سجل واحد يظل شاهداً للأجيال.
وكان له دور فاعل في متابعة إنشاء وظهور مجلس قبيلة عباد، إذ وقف داعماً متبرعاً للدواوين ايضاً، حريصاً على جمع الكلمة، محباً للتواصل، مدركاً أن وحدة الصف هي سر قوة العشيرة والوطن. وقد عرف عنه عشقه الكبير لتاريخ الأردن وتاريخ رجالاته، فظل باحثاً دؤوباً لا يمل ولا يكل، يسعى إلى أن تكون ذاكرة الأمة محفوظة وموثقة.
إن المتابع لصفحته على الفيسبوك يدرك أنه لا يتصفح مجرد منشورات عابرة، بل يدخل إلى مكتبة حية، فيها التاريخ والسياسة والمجتمع، فيها الماضي والحاضر، وفيها الأمل بمستقبل أفضل. إنها صفحة تؤرخ للدولة الأردنية ورجالاتها، وتوثق سيرة قبيلة عباد وأبنائها، وتكتب بحبر الوفاء لكل من يستحق التقدير.
هكذا كان الدكتور محمد عبدالحفيظ المناصير، ولا يزال: مؤرخاً وباحثاً، كاتباً وإعلامياً، ناشطاً اجتماعياً، جابراً للخواطر، عاشقاً لوطنه وتاريخه، حاضراً في كل ميدان من ميادين العطاء، ليبقى اسمه منارة مضيئة في سجل المناصير وعباد والوطن...