في ظل التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها الأردن، تبرز ظاهرة التسرب المدرسي كأحد التحديات الأساسية التي تواجه منظومة التعليم الوطنية، حيث تشير أحدث الإحصاءات الرسمية إلى تسرب نحو 11,720 طالباً وطالبة من مختلف الصفوف الدراسية خلال العام الدراسي 2023/2024، مع تسجيل نسب أعلى في مراحل التعليم المتقدمة، وخصوصاً الصفين التاسع والعاشر.
تشكل هذه الظاهرة خطراً مباشراً يهدد جودة التعليم ويؤثر سلباً على خطط التنمية المستدامة التي يسعى الأردن لتحقيقها. ومن هنا، تبذل وزارة التربية والتعليم جهوداً حثيثة للحد من هذه المشكلة من خلال استراتيجيات متكاملة تتضمن المتابعة الدقيقة لحضور الطلبة والتواصل الدائم مع أولياء الأمور، إضافة إلى إنشاء أكثر من 200 مركز تعليمي متخصص لتقديم برامج مرنة تستقطب الطلبة المتسربين لتستكمل مسيرتهم التعليمية بشكل غير نظامي أو عبر التدريب المهني.
تلعب البيئة المدرسية دوراً فاعلاً عبر توفير الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب بمساندة المرشدين التربويين، الذين يشكلون العمود الفقري في منظومة الحد من التسرب، من خلال التعامل مع الأسباب النفسية والسلوكية التي تقود إلى الانقطاع عن الدراسة. ويحرص القطاع التعليمي على تأهيل المرشدين بشكل مستمر وتزويدهم بالأدوات اللازمة لدعم الطلاب والأسر، مع إطلاق برامج صيفية ودورات تقوية تعزز فرص الحفاظ على الطلاب ضمن النظام التعليمي.
علاوة على ذلك، تطبق الوزارة نظاماً متكاملاً لتسجيل ومتابعة الطلبة الأكثر عرضة للتسرب، مع خطط دعم فردية مبكرة، وتعمل على تعزيز الشراكة بين المدرسة والأسرة والمجتمع المحلي لضمان بيئة تعليمية محفزة وجاذبة.
تظل قضية التسرب المدرسي من أبرز التحديات التي تحتاج إلى تكاتف كل الجهود المؤسسية والمجتمعية لضمان حق التعليم،وتحقيق تنمية حقيقية ومستدامة في المستقبل.