في التاسع من أيلول، تشرفت في حضور حفل إشهار نظام "التنظيم الجيد وتقييم الأثر للتشريعات والسياسات"، الذي أقيم تحت رعاية دولة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، إلى جانب حضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة، حيث تعد مناسبة الإشهار لهذا النظام محطة مهمة في تاريخ الإصلاح التشريعي في الأردن، و فرصة لاستشراف المستقبل التشريعي و تعزيز مبدأ الشفافية ومشاركة المجتمع في صنع القرار.
ويشكل دخول هذا النظام حيز التنفيذ تحولا جوهريا في طريقة إعداد وإقرار التشريعات والسياسات، وذلك بالاستناد إلى المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه، و هو ضمان صدور أي تشريع أو اتخاذ أي سياسة، بناء على بيانات دقيقة، مع تقييم شامل لآثارها عند التطبيق على جميع شرائح المجتمع، وهذا يهدف إلى إعادة تعريف وتمتين العلاقة بين الحكومة والمواطن، بحيث يكون للأخير دور فاعل وتشاركي في بناء التشريعات والقرارات خاصة ما يؤثر منها على حياته اليومية.
وعودة إلى حفل الإشهار، فقد عكست كلمات وزير الدولة لتطوير القطاع العام المهندسة بدرية البلبيسي، و وزيرة التخطيط والتعاون الدولي زينة طوقان، جدية الحكومة وعزمها في ضمان أن تكون التشريعات والسياسات المستقبلية أكثر توافقا مع حاجات المواطنين، لتعزيز روح الديمقراطية و عدم التفرد في القرار ، وهو توجه تشكر عليه الحكومة لما من شأن ذلك التقليل من أي تأثيرات سلبية قد تترتب على التشريعات في حال أقرت من جانب واحد ودون دراسة كافية.
إلا أن دخول النظام حيز التنفيذ لا يعني عدم وجود تحديات أو نواقص قد تعيق من تطبيقه بالشكل الأمثل، ومن بين النقاط التي قد تثير القلق والإرباك، برأيي، هو غياب تحديد مدد زمنية ملزمة لإعداد دراسات تقييم الأثر، سواء كانت دراسة تقييم الأثر الأساسي أو المعمق، ومرد ذلك يعود إلى أن غياب هذه المدد ، قد تحدث مماطلة في رفع هذه الدراسات إلى الجهات التنظيمية المعنية ، مما يترتب على ذلك تأخر الإقرار الفعلي للتشريعات في الوقت المناسب، و تأخير العديد من القرارات التشريعية الهامة، ما يعني بالنتيجة تأثر مصداقية النظام الجديد كأداة فاعلة للإصلاح.
وعليه أرى أن إضافة ضوابط زمنية واضحة لإعداد دراسات تقييم الأثر له أهمية بالغة، فعندما تكون المدد الزمنية محددة ، تلتزم الجهات الحكومية بتقديم الدراسات في وقتها المحدد، وتكون العملية التشريعية شفافة بشكل أكبر مع تقليل فرضية المماطلة، بالإضافة إلى إن تحديد المدد الزمنية يتيح إعداد الدراسات بعناية أكثر، ويسهم في تحسين جودة التشريعات الصادرة.
أعتقد إننا اليوم أمام فرصة ثمينة لإعادة هيكلة عملية صنع القرار في الأردن، وجعلها أكثر توافقا مع المتطلبات المعاصرة للحكم الرشيد الذي تسعى الحكومة إلى تحقيقه، وبالتالي إذا أرادت تفعيله بشكل ناجح فإنني أدعوها إلى إعادة النظر بالمدد الزمنية وتحديدها ضمن إطار مدروس قائم على المنطق والواقع.