على قمم جبال الكرك المطلة على سفوح جبل شيحان، حيث التاريخ يروي سيرة الأمجاد، يشمخ اسم الباشا مصلح المحادين كأحد رجالات الوطن الذين تركوا بصمات خالدة في سجل الأمن العام الأردني. عاشق الخلاء والبرية، صلب الموقف، رفيع الخُلق، هيبته تحاكي وقار القادة الكبار الذين صنعوا حضوراً لا يُنسى في ذاكرة الكرك والوطن.
تدرج الباشا المحادين في مواقع قيادية مهمة داخل جهاز الأمن العام، فكان مديراً لشرطة معان، ثم مساعداً لمدير الأمن العام، ووقف على خط المواجهة في أصعب الظروف، قائداً حكيماً يعرف كيف تُدار الأزمات، وكيف يُصنع الاستقرار. ومن خلال مسيرته الطويلة، حمل أمانة المسؤولية بشرف وإخلاص، ليظل عنواناً للعطاء والتفاني في خدمة الأردن وقيادته الهاشمية.
لم يكن المحادين قائداً أمنياً فحسب، بل كان إنساناً نبيلاً، كريم النفس، قريباً من أبناء مجتمعه، محاطاً بالاحترام والتقدير من شيوخ ووجهاء الكرك والأردن عامة. وقد عُرف بحكمته وبعد نظره، فاختار أن يبتعد أحياناً عن الأضواء حفاظاً على مكانته وهيبته، لكن حضوره ظل ثابتاً في القلوب قبل المواقف.
في بيته العامر وذاكرته الغنية، تختزن الحكايات عن الماضي الجميل، وذكريات رجال وأحداث شكلت ملامح مرحلة كاملة. وهناك، في قرية سمرا الخالدة، يتجلى المحادين متواضعاً، صادق الحديث، نقي السريرة، محاوراً يفيض بالحكمة، ومستمعاً يترك أثراً لا يُمحى.
وقد أنجب الباشا قامات وطنية من أبنائه النشامى: بشار ووسام وسامر، الذين ورثوا عن والدهم قيم الوفاء والفزعة والكرم، فكانوا حاضرين دوماً في المناسبات الوطنية والاجتماعية، يحملون راية العائلة العريقة، ويواصلون مسيرة النخوة والعطاء.
إن الحديث عن الباشا مصلح المحادين ليس مجرد استذكار لمسيرة مهنية في جهاز الأمن العام، بل هو شهادة تقدير لرجل شكّل رمزاً وطنياً واجتماعياً بامتياز، قامةً أردنية ستبقى ماثلة في ذاكرة الكرك والوطن، تجسد معاني الإخلاص والانتماء والوفاء للأردن وقيادته.