وقف الخطاب تحفة من البلاغة والفصاحة، نسجت بخيوط القوة في قول الحق، وعمق التاريخ، ودقة الرؤية. لم يكن مجرد خطاب، بل إعلان فكّك الرواية الإسرائيلية المتطرفة وكشف الحقائق التي طالما أخفيت: الظلم الذي يعانيه الشعب الفلسطيني، وحقه في الحرية والسيادة وكرامة الدولة التي يسودها السلام والاستقرار والقيمة الإنسانية.
ما ميز الخطاب كان اندماج الوضوح السياسي مع الأصالة الثقافية. فقد استحضرت جلالتها جوهر الفكر السياسي الأردني والتراث الاجتماعي—احترام الكبار، وروح التسامح، ومدونة الشرف، ورمز فنجان القهوة كعهد للثقة والكرامة والوعد المُلزم. هذه الإشارات الثقافية لم تكن زخرفًا، بل كانت مراسي تربط الدبلوماسية بالقيم الحياتية للمجتمع.
وباختصار، أكد الخطاب على الثوابت الراسخة لموقف الأردن: دبلوماسية متجذرة في المقاومة والعدالة والنزاهة. كما أبرز دور الأردن كحارس للقضايا العربية، وعلى رأسها القضية المركزية—القضية الفلسطينية—حيث كان كل لفظ درعًا وسيفًا في آنٍ واحد، يدافع عن الحقيقة، ويرفع صوت المظلومين، ويذكّر العالم بأن الشرعية لا تقوم على القوة، بل على العدالة