يأتي المولد النبوي الشريف كل عام ليذكّرنا أن النور قد يخرج من قلب الظلام، وأن الرحمة يمكن أن تتحوّل إلى رسالة تُغيّر وجه العالم. فمولد النبي محمد ﷺ لم يكن مجرد حدث في سيرة تاريخية، بل بداية لرحلة إنسانية كبرى أعادت تعريف معنى العدل والرحمة والأخوة.
حين نحتفل بالمولد، لسنا فقط نعود إلى لحظة الميلاد في مكة، بل نراجع أنفسنا: كيف يمكن أن نستعيد في واقعنا اليوم بعضًا من ذلك النور الذي أضاء الدنيا؟ كيف نُعيد للرحمة مكانتها في بيوتنا، ومدارسنا، ومجتمعاتنا؟
في ذكرى المولد، أتأمل أن الرسالة التي حملها النبي لم تكن حروفًا تُتلى فقط، بل كانت سلوكًا يوميًا: صدق في القول، أمانة في التعامل، ورفق بالناس جميعًا. هذه القيم التي قد تبدو بسيطة، هي التي نحن في أمس الحاجة إليها اليوم، في زمن يزداد فيه الصخب، وتقل فيه الطمأنينة.
المولد النبوي هو مناسبة لنستعيد إنسانيتنا، لنُذكّر أنفسنا أن أعظم ما يُقدّم للبشرية ليس القوة ولا المال، بل الكلمة الطيبة، والقلب الذي يتسع للجميع.
كل عام وأنتم بخير، جعل الله هذه المناسبة بابًا للسلام، وفرصة لنزرع الرحمة من جديد في قلوبنا وحياتنا.