في الخامس والخمسين من عمر جلالتها، تحتفل المملكة الأردنية الهاشمية بعيد ميلاد جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة، التي مثّلت على الدوام أيقونة للعطاء والإلهام، ورمزًا إنسانيًا ووطنيًا حمل الأردن في قلبها ورسّخت صورته المشرقة في المحافل الإقليمية والدولية.
هذا اليوم ليس مجرد مناسبة شخصية، بل هو عيد وطني يلامس وجدان الأردنيين جميعًا، ويستحضر مسيرة ملكة كرّست حياتها لخدمة وطنها، ورفعة مجتمعه، والدفاع عن قضاياه، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن الأردن يستحق الأفضل دائمًا.
منذ اللحظة الأولى لتوليها مسؤولياتها، وضعت جلالتها التعليم على رأس الأولويات، باعتباره حجر الأساس لبناء مستقبل مشرق، وإعداد جيل واعٍ قادر على مواجهة تحديات العصر. فأطلقت المبادرات التربوية الرائدة، وسعت إلى تطوير المناهج، ودمج التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية، وتوفير بيئة مدرسية آمنة وفاعلة. كانت رؤيتها واضحة: أن التعليم ليس ترفًا، بل حق إنساني أصيل ورافعة وطنية للتنمية والنهضة.
ولأن المرأة نصف المجتمع وركيزة أساسية في تقدمه، أولت جلالتها قضايا المرأة جلّ اهتمامها. عملت على تعزيز دورها وتمكينها في مختلف المجالات، مؤمنةً أن نهضة الأردن لا تكتمل إلا بمشاركة فاعلة من نسائه. دعمت المبادرات التي تكسر القيود الاجتماعية أمام طموحات النساء، ودفعت باتجاه سياسات وبرامج تعزز استقلاليتهن الاقتصادية والاجتماعية، ليكن شريكات حقيقيات في التنمية الشاملة.
أما الطفولة، فقد كانت على الدوام في قلب اهتمامات جلالتها. انطلقت من إيمان راسخ بأن الأطفال هم زينة الحياة وأمل المستقبل، فسعت لتأمين الرعاية الصحية والتعليمية لهم، وحمايتهم من كل أشكال الاستغلال والعنف، ووفرت لهم فرصًا لينموا في بيئة صحية، آمنة، ومليئة بالحب والأمان.
على المستوى الدولي، ارتقت جلالة الملكة رانيا لتكون صوتًا عالميًا للسلام والتسامح والتعايش، متجاوزة الأطر التقليدية لدور الملكات والسيدات الأول. حملت على عاتقها قضية الحوار بين الثقافات، وعملت بجهد متواصل لإبراز القيم الإنسانية المشتركة، مؤكدة أن الاختلاف لا يعني الخلاف، وأن العالم بحاجة إلى مزيد من الرحمة والتفاهم. شاركت في مؤتمرات وندوات عالمية، ونادت بقوة لوقف معاناة اللاجئين، ووقفت إلى جانب الشعوب التي تعاني ويلات الحروب والنزاعات، لتجعل من صوت الأردن مرآة لرسالة إنسانية نبيلة.
وفي حديثه بهذه المناسبة، أكد حمزة الشوابكة أن جلالة الملكة رانيا لم تكن فقط سيدة أولى، بل قائدة استثنائية، ومثالًا عالميًا في القيادة الملهمة. وأضاف أن مسيرة جلالتها تعكس مزيجًا نادرًا من الحكمة والرحمة والقوة، وأن تأثيرها تجاوز حدود الأردن ليصل إلى العالم أجمع. وأوضح أن الشباب الأردني يرون في جلالتها نموذجًا يحتذى به، يلهمهم للعمل والاجتهاد، ويعزز في نفوسهم الثقة بأن المستقبل ملك لهم ما داموا يحملون الإرادة والعزيمة.
إن ما حققته جلالتها على امتداد مسيرتها ليس إنجازات عابرة، بل هو إرث متجدد سيبقى شاهدًا على التزامها العميق تجاه وطنها وشعبها، وحرصها على الارتقاء بصورة الأردن وتعزيز مكانته على خارطة العالم.
وفي ختام هذه المناسبة الوطنية الغالية، نتوجه بأسمى آيات التهنئة والتبريك إلى مقام جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة، ضارعين إلى الله أن يحفظها ويمدها بموفور الصحة والعافية، وأن تبقى سندًا وذخرًا لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، ورافعة لمسيرة الوطن في ميادين التقدم والإنجاز.
كل عام وجلالتها بألف خير، وكل عام والأردن بقيادته الهاشمية المظفرة بخير وعطاء وازدهار.