في عالم الإعلام الرياضي الأردني والعربي، تبرز شخصية استثنائية أسهمت بشكل كبير في تأسيس وتطوير هذا المجال، ليصبح أحد أهم منابر التواصل الجماهيري والتأثير الاجتماعي والثقافي. هو الإعلامي محمد جميل عبد القادر، الذي يُعتبر أحد أعمدة الإعلام الرياضي في الأردن، وصاحب بصمة واضحة في تطوير الصحافة الرياضية، وتحليل المباريات، وتدريب أجيال من الإعلاميين الرياضيين.
وُلد محمد جميل عبد القادر في مدينة جنين الفلسطينية، حيث نشأ في بيئة تتمتع بشغف كبير تجاه الرياضة، وخاصة كرة القدم. بدأ حياته المهنية في مجال التربية الرياضية، حيث عمل كمدرب ومدرس قبل أن يتحول إلى مجال الإعلام الرياضي، الذي كان في بداياته في الأردن خلال منتصف السبعينيات من القرن الماضي.
كانت بداياته متواضعة، لكن طموحه وإصراره جعلاه من أوائل الذين وضعوا اللبنات الأولى للإعلام الرياضي الأردني، من خلال التحاقه بالتلفزيون الأردني والمساهمة في تأسيس قسم البرامج الرياضية.
في فترة انطلاقه بالتلفزيون الأردني، أسهم عبد القادر في بناء قسم البرامج الرياضية، الذي كان حديث العهد آنذاك، فكان بمثابة رائد لهذا المجال، حيث جمع بين المعرفة الرياضية والمهارات الإعلامية العالية، مما أكسبه احترام الزملاء والمتابعين.
قدّم محمد جميل عبد القادر عدداً من البرامج الرياضية المتميزة التي ركزت على تغطية البطولات المحلية والعربية والدولية، وتحليل المباريات، ومناقشة قضايا الرياضة من زوايا متعددة. كما تعرّف الجمهور من خلال تعليقاته المباشرة على مباريات كأس العالم، والدورات الأولمبية، والبطولات الآسيوية، حيث كان يتميز بأسلوبه السلس، وتحليله الدقيق، ومواضيعه الثرية.
شغل عبد القادر عدداً من المناصب القيادية التي عززت دوره في تطوير الإعلام الرياضي في الأردن والعالم العربي، ومن أبرزها:
أمانة سر اتحاد كرة القدم الأردني، حيث ساهم في تنسيق الفعاليات وتنظيم الإعلام الخاص بالاتحاد لسنوات عدة.
رئاسة نادي عمان الرياضي، حيث كان له دور فعال في تطوير الرياضة على المستوى المحلي.
رئاسة الاتحاد الأردني للإعلام الرياضي منذ عام 2001 وحتى 2017، حيث قاد جهوداً كبيرة لتحسين مستوى الإعلام الرياضي، وتعزيز دور الإعلاميين في خدمة الرياضة والمجتمع.
رئاسة الاتحاد العربي للصحافة الرياضية، منذ عام 2005، حيث جددت له الثقة في عدة دورات متتالية، مؤكدة على مكانته الرائدة في المجال الإعلامي العربي.
كان محمد جميل عبد القادر يؤمن بأن الإعلام الرياضي يجب أن يرتكز على المهنية والاحترافية، بعيدًا عن المجاملات والمحسوبية، مؤكدًا ضرورة أن يكون الإعلامي الرياضي ملمًا بالجانب الأكاديمي أو العملي للرياضة، ليتمكن من تقديم محتوى تحليلي واقعي وموثوق. وهو بذلك رفع معايير الإعلام الرياضي، وساهم في نهوضه ليصبح مؤسسة إعلامية محترمة.
كان له دور بارز في تدريب وتأهيل الأجيال الجديدة من الإعلاميين الرياضيين في الأردن والعالم العربي، من خلال ورش عمل ودورات تدريبية متخصصة، مما جعل منه معلمًا حقيقيًا وصانعًا للخبرات.
كما عمل على تطوير البرامج الرياضية لتواكب تطور الرياضة الحديثة، فاستثمر تقنيات البث والإعلام الرقمي، واهتم بالتغطيات الشاملة للمباريات والبطولات، مما جعل الجمهور على اطلاع دائم ومستمر.
على مدى أكثر من أربعة عقود، شكل محمد جميل عبد القادر أيقونة الإعلام الرياضي في الأردن، وظل اسمه مرتبطًا بأهم الفعاليات الرياضية وتحليلاتها، كما عرف بنزاهته وموضوعيته في تناول الأخبار والبرامج الرياضية.
برغم تقاعده عن العمل الإعلامي المباشر، إلا أن إرثه يظل حاضرًا في كل منبر رياضي أردني وعربي، وقيادته السابقة لاتحاد الصحافة الرياضية كانت مصدر إلهام للعديد من الإعلاميين الشباب.
نال عبد القادر العديد من الجوائز والتكريمات، المحلية والعربية، التي أكدت مكانته كأحد رواد الإعلام الرياضي، وشهادات تقدير من اتحادات الرياضة والصحافة المختلفة، تقديرًا لجهوده الكبيرة في خدمة الرياضة والإعلام.
يبقى الإعلامي محمد جميل عبد القادر علامة فارقة في مسيرة الإعلام الرياضي الأردني والعربي، ليس فقط باعتباره مذيعًا ومعلقًا، بل كقائد وفيلسوف حمل رسالة الإعلام الرياضي بقوة ومهنية. من خلال رؤيته الثاقبة وإصراره على الارتقاء بالمهنة، استطاع أن يرسخ قواعد إعلام رياضي محترف يخدم الرياضة والمجتمع على حد سواء.