إعادة خدمة العلم ليست مجرد التزام قانوني يؤديه شباب الوطن، بل هي مدرسة كبرى، وميدان حقيقي لصقل شخصيات أبنائنا وبناتنا، وإعدادهم ليكونوا على مستوى المسؤولية في حاضر الوطن ومستقبله. إنها فرصة لغرس قيم الانضباط، وتعزيز روح الفريق، وترسيخ مفهوم التضحية والعطاء في سبيل حماية الأرض والكرامة والسيادة.
في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها عالمنا، حيث تتعاظم التحديات وتتعقد المخاطر، يصبح من الضروري أن نُعيد الاعتبار لهذه الخدمة، ليس فقط كواجب وطني، بل كفرصة لبناء الإنسان القادر على مواجهة الصعاب. خدمة العلم تُعلّم أبناءنا معنى الاعتماد على الذات، وتمنحهم خبرة عملية في القيادة، وفي التعاون، وفي مواجهة ضغوط الحياة، فيخرجون منها أكثر ثقة بأنفسهم، وأكثر جاهزية لخدمة مجتمعهم في مختلف الميادين.
إننا اليوم نحتاج إلى جيل يحمل في قلبه حب الوطن، وفي عقله وعي المسؤولية، وفي يده القدرة على العمل والبناء. ولا سبيل أصدق وأقوى من أن نصقل هذه الأجيال عبر تجربة خدمة العلم، حيث تتلاقى الإرادة الفردية مع المصلحة العامة، فيتكون لدينا مجتمع متماسك، يعرف قيمة التضحية، ويدرك أن الانتماء ليس شعارًا يُرفع، بل سلوكًا يُمارَس.
خدمة العلم هي رسالة وفاء للوطن، وهي عهد بين المواطن وأرضه، وهي أيضًا فرصة لنقل قيم الوطنية من جيل إلى جيل. إن من يخدم وطنه في ميدان الانضباط والانتماء، يكون أقدر على خدمته لاحقًا في ميدان العمل، والإنتاج، والعلم، والإبداع.
فلننظر جميعًا إلى إعادة خدمة العلم كمنصة للتطوير، وكبوابة نُدخل منها أبناءنا إلى معترك الحياة وهم أكثر قوة ونضجًا، وأعمق فهمًا لقيمة الوحدة الوطنية. ولتكن هذه التجربة محطة عز وفخر في سيرة كل شاب، يرويها لأبنائه وأحفاده، فتظل راسخة في ذاكرة الوطن كعنوان للتضحية، وركيزة لبناء مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا.