إن إعلان سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله عن إعادة تفعيل خدمة العلم يمثل قرارا تنظيميا وإداريا وفعلا سياسيا بامتياز، يضرب في العمق ويبعث برسالة واضحة المعالم: أن أبناء الأردن جميعًا شركاء في الدفاع عن حمى الوطن، وأن أي مشروع يحمل أحلاما تهدد أمن واستقرار وسيادة الأردن سيبقى حلمًا عصيًّا على التحقق أمام وعي الأردنيين وتماسكهم.
لطالما كان الأردن، بحكم موقعه الجغرافي والسياسي، خط الدفاع الأول في مواجهة الأطماع التي تمر بها المنطقة، وها هو اليوم يجدد هذا الدور، عبر بناء منظومة وعي وانتماء جديدة للشباب، تجعل من خدمة العلم جسراً بين الفرد والوطن، وبين الانتماء والمسؤولية، فخدمة العلم تمثل مدرسة قيمية بالإضافة إلى كونها تدريبًا عسكريًا، تصهر أبناء الوطن في بوتقة واحدة، وتذيب الفوارق الطبقية والاجتماعية، وتعيد صياغة العلاقة بين الدولة ومواطنيها على أساس المسؤولية المشتركة.
إن عودة خدمة العلم تحمل دلالتين سياسيتين عميقتين:
الأولى، أن الأردن يرفض أن يكون ساحة رخوة أمام أي أطماع خارجية، ويؤكد أن أبناءه جميعًا هم خط الدفاع عن الأرض والهوية والسيادة.
والثانية، أن الأردن يعيد قراءة معادلة القوة في المنطقة، ليبرهن أن أمنه القومي يقوم على وعي أبنائه وصلابتهم، وهذا ما يجعل من كل شاب أردني جنديًا محتملًا، وسفيرًا لرسالة وطنية كبرى.
وفي ظل الحديث عن مشاريع التوطين وصفقات تصفية القضية الفلسطينية، تأتي هذه الخطوة لتؤكد أن الأردن دولة راسخة، ووطن يعرف حجمه ودوره ورسالة قيادته، فالمشاركة في خدمة العلم تعني أن كل مواطن بات معنيًا بأمنه الوطني، وأن الدفاع عن الأردن ليس مهمة الجيش وحده، بل يتجلى ذلك في عقد اجتماعي جديد بين الدولة وشعبها.
وخدمة العلم تمثل اليوم إعلانا واضحا أن الأردني لن يكون متفرجًا على التاريخ، بل صانعًا له، إنها لحظة تجسيد لوطن يرد على التحديات بالفعل لا بالشعارات، ويقول للعدو قبل الصديق: هذا وطن محصن بالوعي والانتماء، وهذا جيل لا تنطلي عليه مشاريع الاحتلال.
حفظ الله الأردن في ظل قيادته الهاشمية وعميدها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين