الشراكة المجتمعية في أبسط صوره، يتمثل جوهر الحكم الرشيد في علاقة تفاعلية حية بين المسؤول والمواطن. فهذه العلاقة لا تقوم على التبعية الصماء، بل على مبدأ أساسي هو **الشراكة المجتمعية**، والتي تتحقق بشكل عملي حينما يستمع المسؤول لملاحظات المواطن ويعمل على ترجمتها إلى تغييرات ملموسة على أرض الواقع.
هذه الشراكة ليست منّة من أحد، بل هي حق أصيل للمواطن الذي يتحمل دورًا محوريًا في تحديد من يصلح لقيادة دفة الأمور ومن لا يصلح. فالمساحة العامة ملك للجميع، والمواطنة الصالحة لا تعني الصمت أو الرضا بالأمر الواقع، بل هي مسؤولية أخلاقية ووطنية تتطلب النقد البناء والرصد الدقيق لأي تقصير أو خلل في مختلف المجالات
ومن هنا، تبرز أهمية أن يتذكر كل من يجلس على كرسي المسؤولية أنه خادم للشعب وليس سيدًا عليه. فالإنجاز الحقيقي لا يقاس بالأقوال، بل بالأفعال، وأعظمها هو إبعاد الضعفاء المتعجرفين، أولئك الذين يرون في المنصب امتيازًا شخصيًا ووسيلة للتفرد بالرأي، واستبدالهم بالأكفاء الأقوياء الأمينين، الذين يضعون المصلحة العامة فوق كل اعتبار.
ولا يقتصر الفساد على المجال المالي فحسب، بل إن **الفساد الإداري** هو الأخطر على الإطلاق. فهو ينهش في هيكل الدولة من الداخل، ويظهر جليًا عندما يتم إجلاس الشخص "الركيك الضعيف"، الذي لا يملك من مؤهلات سوى محسوبيته أو انتمائه لمرجعية ما، على كرسي أكبر من حجمه بكثير. مثل هذا التصعيد لا يخدم إلا مصالح ضيقة ويهدر طاقات الوطن ويقوض ثقة المواطن بمؤسساته.
وفي هذا الإطار، يجب ألا ينسى أي موظف، مهما علت درجته، أن راتبه الذي يتقاضاه، وسيارة الدوام التي يستخدمها، والوقود الذي تشتغل به، والكرسي نفسه الذي يجلس عليه، كلها ممولة من عرق المواطن ومدفوعاتاته. هذا الوعي هو ما يصنع الفارق بين الخادم المخلص والمتسلط الجاهل.
وفي الختام، فإن تقدير صوت المواطن والاستجابة له ليس مجرد خطوة، بل هو ركيزة التقدم. ونحن، كمواطنين، نترقب بفارغ الصبر كل بادرة مبشرة، وكل تغيير إيجابي، ونعمل معًا لبناء مستقبل تكون فيه الشراكة الحقيقية هي الأساس، والكفاءة هي المعيار، والمساءلة هي السائد. واما انتم أيها الضعفاء فمكانكم هناك على كراسي بيوتكم.