في خطوة وطنيّة تحمل في طيّاتها دلالاتٍ عميقة ومعانٍ سامية، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، وليّ العهد، إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم، ليكون شاهدًا على رؤية قياديّة ثاقبة، تُدرك أنّ بناء الأوطان لا ينهض إلّا بسواعد شبابها، ولا يشتدّ عودها إلّا بانضباط أبنائها، ولا يزدهر حاضرها ومستقبلها إلّا إذا تسلّح الجيل الجديد بروح الانتماء والعمل الجماعي.
إنّ إعادة تفعيل هذا البرنامج ليست مجرّد قرار إداري، بل هي رسالة وطنية عميقة تعكس حرص القيادة الهاشمية على صقل شخصية الشباب الأردني، وتوجيه طاقاتهم نحو ما يُعلي مكانة الوطن، ويُعزز تماسك نسيجه الاجتماعي، ويجعلهم أكثر جاهزية لخوض غمار التحديات ومواجهة المتغيرات.
فالانضباط الذي تُعطيه "خدمة العلم" للشاب، ليس مجرد تدريب عسكري، بل هو مدرسة للقيم، تُعلِّم الالتزام قبل السلاح، والانتماء قبل الرتبة، والعمل بروح الفريق قبل الإنجاز الفردي. وهي في جوهرها استثمار في الإنسان الأردني، ذلك الإنسان الذي كان ولا يزال أغلى ما يملك الوطن.
إنّ شباب الأردن، الذين وصفهم وليّ العهد بأنهم عماد الحاضر وصنّاع المستقبل ودرع الوطن المنيع، هم اليوم على موعد مع تجربة فريدة تُعيد تعريف معنى المسؤولية الوطنية، وتغرس فيهم بذور العطاء المتواصل، وتربطهم أكثر بمسيرة الجيش العربي المصطفوي، الذي كان على الدوام الحارس الأمين والركيزة الراسخة للدولة الأردنية.
لقد آن الأوان أن نستعيد وهج خدمة العلم بما تمثّله من قيم الانتماء والجدية، وأن نعيد الاعتبار لفكرة أنّ خدمة الوطن شرفٌ ووسام، وأنّ كلّ شابٍ أردني هو جنديّ في موقعه، يساهم في حماية الهوية وتعزيز الأمن وبناء التنمية.
وإذا كان هذا القرار قد لامس قلوب الأردنيين جميعًا، فلأنّه يُجسّد التقاء الماضي بالحاضر، ويرسم الطريق نحو مستقبل أكثر صلابة. فالأردن الذي صمد في وجه التحديات بفضل وعي قيادته والتفاف شعبه، يُعيد اليوم تأكيد أن القوة الحقيقية تكمن في شبابٍ مُنتمٍ، مُنضبط، مُخلص لوطنه وقيادته.
إنّها لحظة تاريخيّة تتجاوز حدود القرار، لتُعيد تشكيل وعي جيل بأكمله. ولعلّ أجمل ما تحمله هذه الخطوة أنّها تُعيد للأردني إحساسه بالفخر أنّه جزءٌ من جيشٍ لا يُقهر، ومن وطنٍ لا ينكسر، ومن مسيرة عطاء لا تنضب.