في زحمة الحياة اليومية، قد ننسى أحياناً كم نحن محظوظون بكوننا ننتمي لهذه الأرض. بين شوارع عمان التي لا تنام، وسكون الصحراء الذي يروي قصص التاريخ، يكمن كنز لا يفنى من العزة والفخر. ليس مجرد جواز سفر يحمل شارة النسر، بل هي هوية متجذرة في كل تفصيل من تفاصيل حياتنا.
الكرم الذي لا يُضاهى منسف وقهوة.. قصة أردنية بامتيازفي الأردن، الكرم ليس مجرد فعل، بل هو لغة لا تحتاج إلى ترجمة. تبدأ حكايتنا بفنجان من القهوة السادة، الذي يُقدم عند مدخل البيت، إشارة إلى أن القلب مفتوح قبل الباب. هذه القهوة ليست مجرد مشروب، بل هي طقس مقدس يروي حكاية العز والوفاء. لكن القصة لا تنتهي هنا. على المائدة، يتربع المنسف كرمز للسيادة والكرم الأردني. إنه ليس مجرد طبق، بل هو عهد يُقطع بين المضيف وضيفه. يُقدم المنسف بحب، وتتجمع حوله الأيادي لتتبادل أطراف الحديث والضحكات، في مشهد يختصر كل معاني الألفة والترابط. من فنجان القهوة الذي يزيل الغريب، إلى طبق المنسف الذي يجعل منه جزءًا من العائلة، يكمن كرمنا الذي لا يعرف حدودًا.اما عن الوفاء الذي لا يصدأ للأرض والإنسان . نحن شعب يعرف معنى الوفاء. وفيّون لأرضنا التي احتضنت أجدادنا، وفيّون لكل من لجأ إلينا وبحث عن الأمان. الأردن لم يغلق بابه يوماً في وجه محتاج، ولم يخذل جاراً. هذا الوفاء ليس بطولة زائفة، بل هو إرث متوارث من أجيال آمنت أن الأمان ليس سلعة، وأن الإنسانية أغلى ما نملك. في زمن تغيرت فيه النفوس، بقي الوفاء الأردني بوصلة لا تتغير.
"صبّ لي من دلتك فنجال يا حاتمي، وخلّي البنّ الأشقر بالدّلال يفوح."
اما التوازن بين الأصالة والمعاصرة "أهلاً" في زمن "Hey"
في الأردن، لا يزال الماضي يحيا في الحاضر. هنا، يمكنك أن تجد شاباً يقف أمام "كتاب" في جبل اللويبدة، فيما يرتدي ثوباً مطرزاً بعبق الماضي. نحن نملك القدرة الفريدة على أن نكون حديثين دون أن نفقد أصالتنا. نستخدم أحدث التقنيات، وفي نفس الوقت نحافظ على جلسات العائلة التي لا تخلو من قصص "سيدي" و"ستي". هذا التوازن هو سر قوتنا، فهو يسمح لنا بالتقدم دون أن نفقد هويتنا.
المواطن الاردني المرن الذي يصنع المعجزات ليس غنياً بالثروات الطبيعية، لكنه غني بأكثر من ذلك بكثير: بالإنسان الأردني. شعبنا يمتلك مرونة فريدة على التكيف مع كل الظروف الصعبة. من نقص الموارد، أبدعنا في مجالات لم تكن في الحسبان. من "خبز الشراك " إلى "التعليم"، الأردنيون يجدون دائماً طريقهم. هذه المرونة ليست مجرد صبر، بل هي إبداع حقيقي يخرج من رحم التحديات، ويجعل من كل عقبة فرصة جديدة للنجاح.والأمان الذي لا يُقدر بثمن قلب نابض في منطقة مضطربة , بينما تشتعل المنطقة من حولنا، يظل الأردن واحة أمان واستقرار. هذا ليس مجرد حظ، بل هو نتيجة حكمة وقيادة، ووعي شعب، وقوة مؤسسات. هذا الأمان ليس مجرد "غياب للحروب"، بل هو طمأنينة تشعر بها وأنت تسير في شوارع عمان، أو تستمتع بمنظر البتراء، أو تقود سيارتك في الطريق الصحراوي. هذا الأمان هو أهم ثرواتنا، وهو السبب الرئيسي الذي يجعلنا نستطيع أن نحلم ونبني ونكبر.
في النهاية، ربما يكمن الفخر الحقيقي في أننا نملك كل هذه الأسباب، وأننا جزء من حكاية لا تنتهي، حكاية بدأت من عمان، ولا تزال تكتب فصولها في كل يوم جديد.